Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 72, Ayat: 25-28)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره لنبيه : قل يا محمد لهؤلاء المشركين بالله من قومك : ما أدري أقريب ما يعدكم ربكم من العذاب وقيام الساعة { أمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبّي أمَداً } يعني : غاية معلومة تطول مدتها . وقوله : { عالِمُ الغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ على غَيْبِهِ أحَداً إلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ } يعني بعالم الغيب : عالم ما غاب عن أبصار خلقه ، فلم يروه فلا يظهر على غيبه أحداً ، فيعلمه أو يريه إياه إلا من ارتضى من رسول ، فإنه يظهره على ما شاء من ذلك . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { فَلا يُظْهِرُ على غَيْبِهِ أحَداً إلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ } فأعلم الله سبحانه الرسل من الغيب الوحي وأظهرهم عليه بما أوحي إليهم من غيبه ، وما يحكم الله ، فإنه لا يعلم ذلك غيره . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { عالِم الغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ على غَيْبِهِ أحَداً إلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ } فإنه يصطفيهم ، ويطلعهم على ما يشاء من الغيب . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { إلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ } فإنه يظهره من الغيب على ما شاء إذا ارتضاه . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { فَلا يُظْهِرُ على غَيْبِهِ أحَداً إلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ } قال : ينزل من غيبه ما شاء على الأنبياء أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الغيب القرآن ، قال : وحدثنا فيه بالغيب بما يكون يوم القيامة . وقوله : { فإنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَينِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً } يقول : فإنه يرسل من أمامه ومن خلفه حرساً وحفظة يحفظونه . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن علقمة بن مرثد ، عن الضحاك { إلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فإنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَينِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً } قال : كان النبيّ صلى الله عليه وسلم إذا بعث إليه الملك بالوحي بعث معه ملائكة يحرسونه من بين يديه ومن خلفه ، أن يتشبَّه الشيطان على صورة الملك . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن منصور ، عن إبراهيم { مِنْ بَينِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً } قال : ملائكة يحفظونهم من بين أيديهم ومن خلفهم . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم { مِنْ بَينِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً } قال : الملائكة يحفظونه من بين يديه ومن خلفه من الجنّ . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن طلحة ، يعني ابن مصرف ، عن إبراهيم ، في قوله : { مِنْ بَينِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً } قال : الملائكة رصد من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من الجن . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { إلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فإنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَينِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً } قال : هي معقبات من الملائكة يحفظون النبيّ صلى الله عليه وسلم من الشيطان حتى يتبين الذي أرسل به إليهم ، وذلك حين يقول : ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { فإنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَينِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً } قال : الملائكة . وقوله : { لِيَعْلَمَ أنْ قَدْ أبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ } اختلف أهل التأويل في الذي عُنِي بقوله { لِيَعْلَمَ } فقال بعضهم : عُنِي بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقالوا : معنى الكلام : ليعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قد أبلغت الرسل قبله عن ربها . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { لِيَعْلَمَ أنْ قَدْ أُبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ } ليعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الرسل قبله قد أبلغت عن ربها وحفظت . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { لِيَعْلَمَ أنْ قَدْ أُبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ } قال : ليعلم نبيّ الله صلى الله عليه وسلم أن الرسل قد أبلغت عن الله ، وأن الله حفظها ، ودفع عنها . وقال آخرون : بل معنى ذلك : ليعلم المشركون أن الرسل قد بلغوا رسالات ربهم . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : { لِيَعْلَمَ أنْ قَدْ أُبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ } قال : ليعلم من كذب الرسل أن قد أبلغوا رسالات ربهم . وقال آخرون : بل معنى ذلك : ليعلم محمد أن قد بلغت الملائكة رسالات ربهم . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يعقوب ، عن جعفر ، عن سعيد بن جُبير ، عن ابن عباس ، في قوله : { عالِمُ الغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ على غَيْبِهِ أحَداً إلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فإنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَينِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً } قال : أربعة حفظة من الملائكة مع جبرائيل { لِيَعْلَم } محمد { أنْ قَدْ أبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ وأحاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وأحْصَى كُل شَيْءٍ عَدَداً } قال : وما نزل جبريل عليه السلام بشيء من الوحي إلا ومعه أربعة حفظة . قال أبو جعفر : وأولى هذه الأقوال عندنا بالصواب ، قول من قال : ليعلم الرسول أن الرسل قبله قد أبلغوا رسالات ربهم وذلك أن قوله : { لِيَعْلَم } من سبب قوله { فإنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَينِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً } وذلك خبر عن الرسول ، فمعلوم بذلك أن قوله ليعلم من سببه إذ كان ذلك خبرا عنه . وقوله : { وأحاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ } يقول : وعلم بكلّ ما عندهم { وأحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً } يقول : علم عدد الأشياء كلها ، فلم يخف عليه منها شيء . وقد : حدثنا محمد بن بشار ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جُبير أنه قال في هذه الآية { إلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ } … إلى قوله { وأحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدَاً } قال : ليعلم الرسل أن ربهم أحاط بهم ، فبلغوا رسالاتهم .