Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 72, Ayat: 4-6)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول عزّ وجلّ مخبراً عن قيل النفر من الجنّ الذين استمعوا القرآن { أنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهنا } وهو إبليس . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { أنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا على الله شَطَطاً } وهو إبليس . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن رجل من المكيين ، عن مجاهد { سَفيهُنا على اللَّهِ شَطَطاً } قال : إبليس : ثم قال سفيان : سمِعت أن الرجل إذا سجد جلس إبليس يبكي يقول : يا ويله أمر بالسجود فعصَى ، فله النار ، وأمر ابن آدم بالسجود فسجد ، فله الجنة . حدثني ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، قال : تلا قتادة : { وأنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا على اللَّهِ شَطَطاً وأنَّا ظَنَنَّا أنْ لَنْ تَقُولُ الإنْسُ والجِنُّ على اللَّهِ كَذِباً } فقال : عصاه والله سفيه الجنّ ، كما عصاه سفيه الإنس . وأما الشَّطط من القول ، فإنه ما كان تعدّياً . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني يونس ، قال : ثنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وأنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا على اللَّهِ شَطَطاً } قال : ظلماً . وقوله : { وأنَّا ظَنَنَّا أنْ لَنْ تَقُولَ الإنْسُ والجنُّ على اللَّهِ كَذِباً } يقول : قالوا : وأنا حسبنا أن لن تقول بنو آدم والجنّ على الله كذباً من القول والظنّ ههنا بمعنى الشكّ ، وإنما أنكر هؤلاء النفر من الجنّ أن تكون علمت أن أحداً يجتريء على الكذب على الله لما سمعت القرآن ، لأنهم قبل أن يسمعوه وقبل أن يعلموا تكذيب الله الزاعمين أن لله صاحبة وولداً ، وغير ذلك من معاني الكفر كانوا يحسبون أن إبليس صادق فيما يدعو بني آدم إليه من صنوف الكفر فلما سمعوا القرآن أيقنوا أنه كان كاذباً في كلّ ذلك ، فلذلك قالوا : { وأنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا على اللَّهِ شَطَطاً } فسموه سفيهاً . وقوله : { وأنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الإنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الجِنّ } يقول تعالى ذكره مخبراً عن قيل هؤلاء النفر : وأنه كان رجال من الإنس يستجيرون برجال من الجنّ في أسفارهم إذا نزلوا منازلهم . وكان ذلك من فعلهم فيما ذُكر لنا ، كالذي : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { وأنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الإنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الجِنّ } قال : كان رجال من الإنس يبيت أحدهم بالوادي في الجاهلية فيقول : أعوذ بعزيز هذا الوادي ، فزادهم ذلك إثماً . حدثنا الحسن بن عرفة ، قال : ثنا هشيم ، عن عوف ، عن الحسن ، في قوله : { وأنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الإنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الجِنّ } قال : كان الرجل منهم إذا نزل الوادي فبات به ، قال : أعوذ بعزيز هذا الوادي من شرّ سفهاء قومه . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم في قوله : { وأنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الإنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الجِن } كانوا إذا نزلوا الوادي قالوا : نعوذ بسيد هذا الوادي من شرّ ما فيه ، فتقول الجنّ : ما نملك لكم ولا لأنفسنا ضرّاً ولا نفعاً . قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن إبراهيم ، في قوله : { وأنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الإنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الجِنِّ } قال : كانوا في الجاهلة إذا نزلوا بالوادي قالوا : نعوذ بسيد هذا الوادي ، فيقول الجنيون : تتعوّذون بنا ولا نملك لأنفسنا ضرّاً ولا نفعاً ! حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الجِنِّ } قال : كانوا يقولون إذا هبطوا وادياً : نعوذ بعظماء هذا الوادي . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وأنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الإنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الجِنِّ } ذُكر لنا أن هذا الحيّ من العرب كانوا إذا نزلوا بواد قالوا : نعوذ بأعزّ أهل هذا المكان قال الله : { فَزَادُوهُمْ رَهَقاً } : أي إثماً ، وازدادت الجنّ عليهم بذلك جراءة . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الجِنِّ } كانوا في الجاهلية إذا نزلوا منزلاً يقولون : نعوذ بأعزّ أهل هذا المكان . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن أبي جعفر ، عن الربيع بن أنس { وأنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الإنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الجِنِّ } قال : كانوا يقولون : فلان من الجنّ ربّ هذا الوادي ، فكان أحدهم إذا دخل الوادي يعوذ بربّ الوادي من دون الله ، قال : فيزيده بذلك رهقاً ، وهو الفَرَق . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وأنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الإنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الجِنّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً } قال : كان الرجل في الجاهلية إذا نزل بواد قبل الإسلام قال : إن أعوذ بكبير هذا الوادي ، فلما جاء الإسلام عاذوا بالله وتركوهم . وقوله : { فَزَادُوهُمْ رَهَقاً } اختلف أهل التأويل في معنى ذلك ، فقال بعضهم : معنى ذلك : فزاد الإنس بالجنّ باستعاذتهم بعزيزهم ، جراءة عليهم ، وازدادوا بذلك إثماً . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس { فَزَادُوهُمْ رَهَقاً } فزادهم ذلك إثماً . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قال : قال الله : { فَزَادُوهُمْ رَهَقاً } : أي إثماً ، وازدادت الجنّ عليهم بذلك جراءة . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { فَزَادُوهُمْ رَهَقاً } يقول : خطيئة . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم { فَزَادُوهُمْ رَهَقاً } قال : فيزدادون عليهم جراءة . قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن إبراهيم { فَزَادُوهُمْ رَهَقاً } قال : ازدادوا عليهم جراءة . وقال آخرون : بل عُنِي بذلك أن الكفار زادوا بذلك طغيانا . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله { فَزَادُوهُمْ رَهَقاً } قال : زاد الكفار طغياناً . وقال آخرون : بل عُنِي بذلك فزادوهم فَرَقا . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن أبي جعفر ، عن الربيع بن أنس { فَزَادُوهُمْ رَهَقاً } قال : فيزيدهم ذلك رهقاً ، وهو الفَرَق . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله { فَزَادُوهُمْ رَهَقاً } قال : زادهم الجنّ خوفاً . وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال : معنى ذلك : فزاد الإنس الجنّ بفعلهم ذلك إثماً ، وذلك زادوهم به استحلالاً لمحارم الله . والرهق في كلام العرب : الإثم وغِشيان المحارم ومنه قول الأعشى : @ لا شَيْءَ يَنْفَعُنِي مِنْ دُونِ رُؤْيَتِها هلْ يَشْتَفِي وَامِقٌ ما لم يُصِبْ رَهَقا @@ يقول : ما لم يغْشَ محرماً .