Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 72, Ayat: 9-10)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول عزّ وجلّ : وإنا كنا معشر الجنّ نقعد من السماء مقاعد لنسمع ما يحدث ، وما يكون فيها ، { فَمَنْ يَسْتَمِع الآنَ } فيها منا { يَجدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً } يعني : شهاب نار قد رصد له به . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله { وأنَّا لَمَسْنا السَّماءَ } … إلى قوله : { فَمَنْ يَسْتَمِعِ الآنَ يَجدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً } كانت الجنّ تسمع سمع السماء فلما بعث الله نبيه ، حُرست السماء ، ومُنعوا ذلك ، فتفقَّدت الجنّ ذلك من أنفسها . وذُكر لنا أن أشراف الجنّ كانوا بنصيبين ، فطلبوا ذلك ، وضربوا له حتى سقطوا على نبيّ الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي بأصحابه عامداً إلى عكاظ . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله { وأنَّا لَمَسْنا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً وشُهُباً } … حتى بلغ { فَمَنْ يَسْتَمِعِ الآنَ يَجدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً } فلما وجدوا ذلك رجعوا إلى إبليس ، فقالوا : منع منا السمع ، فقال لهم : إن السماء لم تُحرس قطّ إلا على أحد أمرين : إما لعذاب يريد الله أن ينزله على أهل الأرض بغتة ، وإما نبيّ مرشد مصلح قال : فذلك قول الله : { وأنَّا لا نَدْرِي أشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأرْض أمْ أرَاد بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً } . وقوله : { وأنَّا لا نَدْرِي أشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأرْض أمْ أرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً } يقول عزّ وجلّ مخبراً عن قيل هؤلاء النفر من الجنّ : وأنا لا ندري أعذابا أراد الله أن ينزله بأهل الأرض ، بمنعه إيانا السمع من السماء ورجمه من استمع منا فيها بالشهب { أمْ أرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً } يقول : أم أراد بهم ربهم الهدى بأن يبعث منهم رسولاً مرشداً يرشدهم إلى الحقّ . وهذا التأويل على التأويل الذي ذكرناه عن ابن زيد قبل . وذُكر عن الكلبي في ذلك ما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، عن الكلبي في قوله : { وأنَّا لا نَدْرِي أشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأرْض أمْ أرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً } أن يطيعوا هذا الرسول فيرشدهم أو يعصوه فيهلكهم . وإنما قلنا القول الأوّل لأن قوله : { وأنَّا لا نَدْرِي أشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأرْض } عقيب قوله : { وأنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ للسَّمْعِ } … الآية ، فكان ذلك بأن يكون من تمام قصة ما وليه وقرب منه أولى بأن يكون من تمام خبر ما بعد عنه .