Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 74, Ayat: 1-7)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول جلّ ثناؤه : { يا أيُّها المُدَّثِّرُ } : يا أيها المتدثر بثيابه عند نومه . وذُكر أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم قيل له ذلك ، وهو متدثر بقطيفة . ذكر من قال ذلك : حدثنا محمد بن المثنى ، قال : ثنا يحيى بن سعيد ، عن شعبة ، عن المغيرة ، عن إبراهيم { يا أيُّها المُدَّثِّرُ } قال : كان متدثراً في قطيفة . وذُكر أن هذه الآية أوّل شيء نزل من القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنه قيل له : { يا أيُّها المُدَّثِّرُ } ، كما : حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرنا يونس ، عن ابن شهاب ، قال : أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن ، أن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحدّث عن فترة الوحي : " بَيْنا أنا أمْشِي سَمِعْت صَوْتاً مِنَ السَّماءِ فَرَفَعْتُ رأسِي ، فإذَا المَلَك الَّذِي جاءَنِي بِحِرَاءَ جالِسٌ على كُرْسِيّ بَينَ السَّماءِ والأرْضِ " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فَجُثِثْتُ مِنْهُ فَرَقاً ، وجِئْتُ أهْلي فَقُلْتُ : زَمِّلُونِي زَمِّلُوني ، فدَثَّرُونِي " فأنزل الله : { يا أيُّها المُدَّثِّرُ قُمْ فأنْذِرْ وَرَبِّكَ فَكَبِّرْ } … إلى قوله : { وَالرُّجْزَ فاهْجُرْ } قال : ثم تتابع الوحي . حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا الوليد بن مسلم ، قال : ثنا الأوزاعي ، قال : ثني يحيى بن أبي كثير ، قال : سألت أبا سلمة : أيّ القرآن أُنزل أوّل ، فقال : { يا أيُّها المُدَّثِّرُ } فقلت : يقولون { اقْرأ باسْمِ رَبِّكَ الَّذي خَلَقَ } ، فقال أبو سلمة : سألت جابر بن عبد الله : أيّ القرآن أنزل أوّل ؟ فقال : { يا أيُّها المُدَّثِّرُ } ، فقلت يقولون : { اقْرأ باسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ } فقال : لا أخبرك إلا ما حدثنا النبيّ صلى الله عليه وسلم ، قال : " جاورت في حِراء فلما قضيت جواري هبطت ، فاستبطنت الوادي ، فنوديت ، فنظرت عن يميني وعن شمالي وخلفي وقدّامي ، فلم أر شيئاً ، فنظرت فوق رأسي فإذا هو جالس على عرش بين السماء والأرض ، فخشيت منه " هكذا قال عثمان بن عمرو ، إنما هو : « فجثثت منه ، ولقيت خديجة ، فقلت : دثروني ، فدثروني ، وصبوا عليّ ماءً ، فأنزل الله عليّ : { يا أيُّها المُدَّثِّرُ قُمْ فأنْدِرْ } . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن عليّ بن مبارك ، عن يحيى بن أبي كثير ، قال : سألت أبا سلمة عن أوّل ما نزل من القرآن ، قال : نزلت { يا أيُّها المُدَّثِّرُ } أوّل قال : قلت : إنهم يقولون { اقْرأ باسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ } ، فقال : سألت جابر بن عبد الله ، فقال : لا أحدّثك إلا ما حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " جاوَرْتُ بِحِرَاءً فلمَّا قَضَيْتُ جِوَارِي هَبَطْتُ ، فَسَمِعْتُ صَوْتاً ، فَنَظَرْتُ عَنْ يَمِيِني فَلَمْ أرَ شَيْئاً ، وَنَظَرْتُ خَلْفِي فَلَمْ أرَ شَيْئاً ، فَرَفَعْتُ رأسي فرأيْتُ شَيْئاً ، فأتَيْتُ خَدِيجَةَ ، فَقُلْتُ : دَثِّرُونِي وَصبُّوا عَليَّ ماء بارِداً ، فنزلت { يا أيُّها المُدَّثِّرُ } " حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الزهريّ ، قال : فتر الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فترة ، فحزن حزناً ، فجعل يعدو إلى شواهق رؤوس الجبال ليتردّي منها ، فكلما أوفي بذروة جبل تبدّى له جبريل عليه السلام فيقول : إنك نبيّ الله ، فيسكن جأشه ، وتسكن نفسه فكان النبيّ صلى الله عليه وسلم يحدّث عن ذلك ، قال : " بَيْنَما أنا أمْشِي يَوْماً إذْ رأيْتُ المَلَكَ الَّذِي كان يأتِيني بِحرَاءَ على كُرْسِيّ بَينَ السَّماءِ والأرْضِ ، فَجُثِثْتُ مِنْهُ رُعْباً ، فَرَجَعْتُ إلى خَدِيجَةَ فَقُلْتُ : زَمِّلُونِي ، فزمِّلناه " أي فدثرناه ، فأنزل الله { يا أيُّها المُدَّثِّرُ ، قُمْ فأنْذِرْ ، وَرَبِّكَ فَكَبِّرْ ، وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ } قال الزهري : فكان أوّل شيء أنزل عليه : { اقْرأ باسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ } … حتى بلغ { ما لَمْ يَعْلَمْ } واختلف أهل التأويل في معنى قوله : { يا أيُّها المُدَّثِّرُ } ، فقال بعضهم : معنى ذلك : يا أيها النائم في ثيابه . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { يا أيُّها المُدَّثِّرُ } قال : يا أيها النائم . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { يا أيُّها المُدَّثِّرُ } يقول : المتدثر في ثيابه . وقال آخرون : بل معنى ذلك : يا أيها المتدثر النبوّة وأثقالها . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا عبد الأعلى ، قال : وسُئل داود عن هذه الآية : { يا أيُّها المُدَّثِّرُ } فحدثنا عن عكرمة أنه قال : دثِّرت هذا الأمر فقم به . وقوله : { قُمْ فأنْذِر } يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قم من نومك فأنذر عذاب الله قومك الذين أشركوا بالله ، وعبدوا غيره . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { قُمْ فأنْذِرْ } : أي أنذر عذاب الله ووقائعه في الأمم ، وشدّة نقمته . وقوله : { وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ } يقول تعالى ذكره : وربك يا محمد فعظم بعبادته ، والرغبة إليه في حاجاتك دون غيره من الآلهة والأنداد . وقوله : { وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ } اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : معنى ذلك : لا تلبس ثيابك على معصية ، ولا على غدرة . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس { وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ } قال : أما سمعت قول غَيلان بن سَلَمة : @ @ @ وإنّى بِحَمْدِ اللَّهِ لا ثَوْبَ فاجِرٍ لَبِسْتُ وَلا مِنْ غَدْرَةٍ أتَقَنَّعُ @@ @@ @@ حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا مُصْعَب بن سلام ، عن الأجلح ، عن عكرِمة ، عن ابن عباس ، قال : أتاه رجل وأنا جالس فقال : أرأيت قول الله : { وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ } قال : لا تلبسها على معصية ولا على غدرة ، ثم قال : أما سمعت قول غيلان بن سلمة الثقفيّ : وإنّى بِحَمْدِ اللَّهِ لا ثَوْبَ فاجِرٍ لَبِسْتُ وَلا مِنْ غَدْرَةٍ أتَقَنَّعُ حدثنا سعيد بن يحيى ، قال : ثنا حفص بن غياث ، عن الأجلح ، عن عكرِمة ، قوله : { وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ } قال : لا تلبسها على غدرة ، ولا على فجرة ، ثم تمثَّل بشعر غيلان بن سلمة هذا . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، قال : ثنا سفيان ، عن الأجلح بن عبد الله الكندي ، عن عكرِمة { وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ } قال : لا تلبس ثيابك على معصية ، ألم تسمع قول غيلان بن سَلَمَةَ الثقفّي : وإنّى بِحَمْدِ اللَّهِ لا ثَوْبَ فاجِرٍ لَبِسْتُ وَلا مِنْ غَدْرَةٍ أتَقَنَّعُ حدثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة ، قال : ثنا حجاج ، قال ابن جريج ، أخبرني عطاء ، أنه سمع ابن عباس يقول : { وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ } قال : من الإثم ، ثم قال : نقيّ الثياب في كلام العرب . حدثنا سعيد بن يحيى ، قال : ثنا حفص بن غياث القاضي ، عن ابن جُرَيج ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، قوله { وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ } قال : في كلام العرب : نقيّ الثياب . حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا يحيى بن سعيد ، عن شعبة ، عن مغيرة ، عن إبراهيم { وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ } قال : من الذنوب . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا يحيى بن سعيد ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس { وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ } قال : من الذنوب . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ } قال : هي كلمة من العربية كانت العرب تقولها : طهر ثيابك : أي من الذنوب . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ } يقول : طهِّرها من المعاصي ، فكانت العرب تسمى الرجل إذا نكث ولم يف بعهد أنه دَنِس الثياب ، وإذا وفى وأصلح قالوا : مطهَّر الثياب . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس : { وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ } قال : من الإثم . قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن مغيرة ، عن إبراهيم { وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ } قال : من الإثم . حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ } يقول : لا تلبس ثيابك على معصية . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن ابن جُريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس { وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ } قال : من الإثم . قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، قال : من الإثم . قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن الأجلح ، سمع عكرمة قال : لا تلبس ثيابك على معصية . قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن جابر ، عن عامر وعطاء قالا : من الخطايا . وقال آخرون : بل معنى ذلك : لا تلبس ثيابك من مكسب غير طيب . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس { وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ } قال : لا تكن ثيابك التي تلبس من مكسب غير طائب ، ويقال : لا تلبس ثيابك على معصية . وقال آخرون : بل معنى ذلك : أصلح عملك . ذكر من قال ذلك : حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي ، قال : ثنا فضيل بن عياض ، عن منصور ، عن مجاهد ، في قوله : { وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ } قال : عملك فأصلح . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن أبي رَزِين في قوله : { وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ } قال : عملك فأصلحه ، وكان الرجل إذا كان خبيث العمل ، قالوا : فلان خبيث الثياب ، وإذا كان حسن العمل قالوا : فلان طاهر الثياب . وقال آخرون في ذلك ما . حدثنا محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ } قال : لست بكاهن ولا ساحر ، فأعرض عما قالوا . وقال آخرون : بل معنى ذلك : اغسلها بالماء ، وطهرها من النجاسة . ذكر من قال ذلك : حدثني عباس بن أبي طالب ، قال : ثنا عليّ بن عبد الله بن جعفر ، عن أحمد بن موسى بن أبي مريم صاحب اللؤلؤ ، قال : أخبرنا ابن عون ، عن محمد بن سيرين { وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ } قال : اغسلها بالماء . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ } قال : كان المشركون لا يتطهرون ، فأمره أن يتطهر ، ويطهِّر ثيابه . وهذا القول الذي قاله ابن سيرين وابن زيد في ذلك أظهر معانيه ، والذي قاله ابن عباس وعكرِمة وابن زكريا قول عليه أكثر السلف من أنه عُنِيَ به : جسمك فطهر من الذنوب ، والله أعلم بمراده من ذلك . { وَالرُّجْزَ فاهْجُرْ } اختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأه بعض قرّاء المدينة وعامة قرّاء الكوفة : « والرِّجْز » بكسر الراء ، وقرأه بعض المكيين والمدنيين { والرُّجْزَ } بضم الراء ، فمن ضمّ الراء وجهه إلى الأوثان ، وقال : معنى الكلام : والأوثان فاهجر عبادتها ، واترك خدمتها ، ومن كسر الراء وجَّهه إلى العذاب ، وقال : معناه : والعذاب فاهجر ، أي ما أوجب لك العذاب من الأعمال فاهجر . والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب ، والضمّ والكسر في ذلك لغتان بمعنى واحد ، ولم نجد أحداً من متقدّمي أهل التأويل فرّق بين تأويل ذلك ، وإنما فرّق بين ذلك فيما بلغنا الكسائيّ . واختلف أهل التأويل في معنى { الرُّجْزَ } في هذا الموضع ، فقال بعضهم : هو الأصنام . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله : { وَالرُّجْزَ فاهْجُرْ } يقول : السخط وهو الأصنام . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { وَالرّجْزَ فاهْجُرْ } قال : الأوثان . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا وكيع ، عن إسرائيل قال أبو جعفر : أحسبه أنا عن جابرٍ عن مجاهد وعكرِمة { وَالرّجْزَ فاهْجُرْ } قال : الأوثان . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَالرُّجْزَ فاهْجُرْ } : إساف ونائلة ، وهما صنمان كانا عند البيت يمسح وجوههما من أتى عليهما ، فأمر الله نبيَّهُ صلى الله عليه وسلم أن يجتنبهما ويعتزلهما . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الزهريّ { وَالرُّجْزَ فاهْجُرْ } قال : هي الأوثان . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وَالرُّجْزَ فاهْجُرْ } قال : الرجز : آلهتهم التي كانوا يعبدون أمره أن يهجرها ، فلا يأتيها ، ولا يقربها . وقال آخرون : بل معنى ذلك : والمعصية والإثم فاهجر . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن مغيرة ، عن إبراهيم { وَالرُّجْزَ فاهْجُرْ } قال الإثم . حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { وَالرُّجْزَ فاهْجُرْ } يقول : اهجر المعصية . وقد بيَّنا معنى الرجز فيما مضى بشواهده المغنية عن إعادتها في هذا الموضع . وقوله : { وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ } اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : معنى ذلك : ولا تُعطِ يا محمد عطية لتعطَى أكثر منها . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ } قال : لا تُعط عطية تلتمس بها أفضل منها . حدثنا أبو حميد الحمصي أحمد بن المُغيرة ، قال : ثني أبو حيوة شريح بن يزيد الحضرميّ ، قال : ثني أرطاة عن ضمرة بن حبيب وأبي الأحوص في قوله : { وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ } قال : لا تعط شيئاً ، لتُعْطي أكثر منه . حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، عن عكرِمة ، في قوله : { وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ } قال : لا تعطِ شيئاً لتُعْطَي أكثر منه . حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، قال : أخبرني من سمع عكرِمة يقول : { وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ } قال : لا تعط العطية لتريد أن تأخذ أكثر منها . حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي ، قال : ثنا فضيل ، عن منصور ، عن إبراهيم { وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ } قال : لا تعط كيما تَزداد . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا سفيان ، عن مُغيرة ، عن إبراهيم ، في قوله { وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ } قال : لا تعط شيئاً لتأخذ أكثر منه . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا وكيع ، عن سلمة ، عن الضحاك { وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ } قال : لا تعطِ لتُعْطَي أكثر منه . قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، في قوله { وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ } قال : لا تعطِ لتُعْطَى أكثر منه . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن إبراهيم ، في قوله { وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ } قال : لا تعط شيئاً لتزداد . حدثنا أبو كُرَيْبٍ قال : ثنا وكيع ، عن ابن أبي روّاد ، عن الضحاك ، قال : هو الربا الحلال ، كان للنبيّ صلى الله عليه وسلم خاصّة . حدثنا أبو كُرَيْبٍ ، قال : ثنا وكيع ، عن أبي حجيرة ، عن الضحاك ، هما رِبَوَان : حلال ، وحرام فأما الحلال : فالهدايا ، والحرام : فالربا . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ } يقول : لا تعط شيئاً ، إنما بك مجازاة الدنيا ومعارضها . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ } قال : لا تعط شيئاً لتثاب أفضل منه ، وقاله أيضا طاوس . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاًعن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله { وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ } قال : تعطي مالاً مصانعة رجاء أفضل منه من الثواب في الدنيا . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، قال : لا تعط لتُعْطى أكثر منه . قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم { وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ } قال : لا تعط لتزداد . قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن رجل ، عن الضحاك بن مزاحم { وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ } قال : هي للنبيّ صلى الله عليه وسلم خاصّة ، وللناس عامَّة مُوَسَّع عليهم . وقال آخرون : بل معنى ذلك : ولا تمنن عملك على ربك تستكثر . ذكر من قال ذلك : حدثنا مجاهد بن موسى ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سفيان بن حسين ، عن الحسن ، في قوله : { وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ } قال : لا تمنن عملك تستكثره على ربك . حدثنا محمد بن بشار ، قال : ثنا هوذة ، قال : ثنا عوف ، عن الحسن { وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ } قال : لا تمنن تستكثر عملك . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا يونس بن نافع أبو غانم ، عن أبي سهل ، كثير بن زياد ، عن الحسن { وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ } يقول : لا تمنن تستكثر عملك الصالح . حدثنا ابن حُميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن أبي جعفر ، عن الربيع بن أنس { وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ } قال : لا يكثر عملك في عينك ، فإنه فيما أنعم الله عليك وأعطاك قليل . وقال آخرون : بل معنى ذلك : لا تضعف أن تستكثر من الخير . ووجَّهوا معنى قوله : { وَلا تَمْنُنْ } أي لا تضعف ، من قولهم : حبل منين : إذا كان ضعيفاً . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو حميد بن المغيرة الحمصي ، قال : ثنا عبد الله بن عمرو ، قال : ثنا محمد بن سلمة ، عن خَصِيف عن مجاهد ، في قوله : { وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ } قال : لا تضعف أن تستكثر من الخير ، قال : تمنن في كلام العرب : تضعف . وقال آخرون في ذلك : لا تمنن بالنبوّة على الناس ، تأخذ عليه منهم أجراً . ذكر من قال ذلك : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ } قال : لا تمنن بالنبوّة والقرآن الذي أرسلناك به تستكثرهم به ، تأخذ عليه عوضاً من الدنيا . وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب في ذلك قول من قال : معنى ذلك : ولا تمنن على ربك من أن تستكثر عملك الصالح . وإنما قلت ذلك أولى بالصواب ، لأن ذلك في سياق آيات تقدمّ فيهنّ أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بالجدّ في الدعاء إليه ، والصبر على ما يَلْقَى من الأذى فيه ، فهذه بأن تكون من أنواع تلك ، أشبه منها بأن تكون من غيرها . وذُكر عن عبد الله بن مسعود أن ذلك في قراءته : « وَلا تَمْنُنْ أنْ تَسْتَكْثِرُ » . وقوله : { وَلِرَبَكَ فاصْبِرْ } يقول تعالى ذكره : ولربك فاصبر على ما لقيت فيه من المكروه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل على اختلاف فيه بين أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { وَلِرَبِّكَ فاصْبِرْ } قال : على ما أوتيت . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وَلِرَبِّكَ فاصْبِرْ } قال : حمل أمراً عظيماً محاربة العرب ، ثم العجم من بعد العرب في الله . وقال آخرون : بل معنى ذلك : ولربك فاصبر على عطيتك . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن مغيرة ، عن إبراهيم { وَلِرَبِّكَ فاصْبِرْ } قال : اصبر على عطيتك . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، قال : اصبر على عطيتك لله . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا سفيان ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، في قوله : { وَلِرَبِّكَ فاصْبِرْ } قال : عطيتك اصبر عليها .