Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 74, Ayat: 26-31)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يعني تعالى ذكره بقوله : { سأُصْلِيهِ سَقَرَ } سأورده باباً من أبواب جهنم اسمه سقر ولم يُجرَّ سقر لأنه اسم من أسماء جهنم { وَما أدْرَاكَ ما سَقَرُ } يقول تعالى ذكره : وأيّ شيء أدراك يا محمد ، أي ، شيء سقر . ثم بين الله تعالى ذكره ما سقر ، فقال : هي نار { لا تُبْقى } من فيها حياً { وَلا تَذَرُ } من فيها ميتاً ، ولكنها تحرقهم كلما جدّد خلقهم . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { لا تُبْقى وَلا تَذَرُ } قال : لا تميت ولا تحي . حدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله . حدثني محمد بن عمارة الأسدي ، قال : ثنا عبيد الله بن موسى ، قال : أخبرنا أبو ليلى ، عن مرثد ، في قوله : { لا تُبْقى وَلا تَذَرُ } قال : لا تبقى منهم شيئاً أن تأكلهم ، فإذا خلقوا لها لا تذرهم حتى تأخذهم فتأكلهم . وقوله : { لَوَّاحَةٌ للبَشَر } يعني جلّ ثناؤه مغيِّرة لبشر أهلها واللوّاحة من نعت سقر ، وبالردّ عليها رُفعت ، وحسُن الرفع فيها ، وهي نكرة ، وسقر معرفة ، لما فيها من معنى المدح . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد { لَوَّاحَةٌ للْبَشَر } قال : الجلد . حدثني أبو السائب ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن إسماعيل ، عن أبي رزين { لَوَّاحَةٌ للْبَشَر } قال : تلفح الجلد لفحة ، فتدعه أشدّ سواداً من الليل . حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : ثنا أبي وشعيب بن الليث ، عن خالد بن يزيد ، عن ابن أبي هلال ، قال : قال زيد بن أسلم لَوَّاحَةٌ للْبَشَر : أي تلوَّح أجسادهم عليها . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { لَوَّاحَةٌ للْبَشَر } أي حرّاقة للجلد . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : { لَوَّاحَةٌ للْبَشَر } يقول : تحرق بشرة الإنسان . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { لَوَّاحَةٌ للْبَشَر } قال : تغير البشر ، تحرق البشر يقال : قد لاحه استقباله السماء ، ثم قال : النار تغير ألوانهم . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن إسماعيل بن سميع ، عن أبي رزين { لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَر } غيرت جلودهم فاسودّت . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن إسماعيل بن سميع ، عن أبي رزين مثله . حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { لَوَّاحَةٌ للْبَشَر } يعني بشر الإنسان ، يقول : تحرق بشره . ورُوي عن ابن عباس في ذلك ما : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله { لَوَّاحَةٌ للْبَشَر } يقول : معرّضة . وأخشى أن يكون خبر عليّ بن أبي طلحة ، عن ابن عباس هذا غلطاً ، وأن يكون موضع معرّضة مغيَّرة ، لكن صحَّف فيه . وقوله : { عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ } يقول تعالى ذكره : على سقر تسعة عشر من الخزَنة . وذُكر أن ذلك لما أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال أبو جهل ما : حدثني به محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس { عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ } … إلى قوله : { وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إيمَاناً } فلما سمع أبو جهل بذلك قال لقريش : ثكلتكم أمهاتكم ، أسمع ابن أبي كبشة يخبركم أن خزَنة النار تسعة عشر وأنتم الدَّهم ، أفيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا برجل من خزنة جهنم ؟ فأوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتي أبا جهل ، فيأخذه بيده في بطحاء مكة فيقول له : { أَوْلى لَكَ فأوْلى ثمَّ أوْلى لَكَ فأَوْلى } فلما فعل ذلك به رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو جهل : والله لا تفعل أنت وربك شيئاً فأخزاه الله يوم بدر . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ } ذُكر لنا أن أبا جهل حين أُنزلت هذه الآية قال : يا معشر قريش ما يستطيع كلّ عشرة منكم أن يغلبوا واحداً من خزَنة النار وأنتم الدَّهم ؟ فصاحبكم يحدثكم أن عليها تسعة عشر . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : قال أبو جهل : يخبركم محمد أن خزَنة النار تسعة عشر ، وأنتم الدَّهم ليجتمع كلّ عشرة على واحد . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ } قال : خزنتها تسعة عشر . وقوله : { وَما جَعَلْنا أصحَابَ النَّارِ إلاَّ مَلائِكَةً } يقول تعالى ذكره : وما جعلنا خزَنة النار إلا ملائكة . يقول لأبي جهل في قوله لقريش : أما يستطيع كلّ عشرة منكم أن تغلب منها واحداً ؟ فمن ذا يغلب خزنة النار وهم الملائكة . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : ثنا ابن زيد ، في قوله : { وَما جَعَلْنا أصحَابَ النَّارِ إلاَّ مَلائِكَةً } قال : ما جعلناهم رجالاً ، فيأخذ كلّ رجل رجلاً كما قال هذا . وقوله : { وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إلاَّ فِتْنَةً للَّذِينَ كَفَرُوا } يقول : وما جعلنا عدّة هؤلاء الخزنة إلا فتنة للذين كفروا بالله من مُشركي قريش . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إلاَّ فِتْنَةً للَّذِينَ كَفَرُوا } : إلا بلاء . وإنما جعل الله الخبر عن عدّة خزنة جهنم فتنة للذين كفروا ، لتكذيبهم بذلك ، وقول بعضهم لأصحابه : أنا أكفيكموهم . ذكر الخبر عمن قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { تِسْعَةَ عَشَرَ } قال : جعلوا فتنة ، قال أبو الأشدّ بن الجمحي : لا يبلغون رتوتي حتى أجهضهم عن جهنم . وقوله : { لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ } يقول تعالى ذكره : ليستيقن أهل التوراة والإنجيل حقيقة ما في كتبهم من الخبر عن عدّة خزَنة جهنم ، إذ وافق ذلك ما أنزل الله في كتابه على محمد صلى الله عليه وسلم . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إيمَاناً } قال : وإنها في التوراة والإنجيل تسعة عشرة ، فأراد الله أن يستيقن أهل الكتاب ، ويزداد الذين آمنوا إيماناً . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ } قال : يجدونه مكتوباً عندهم عدّة خزَنة أهل النار . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ } يصدّق القرآن الكتب التي كانت قبله فيها كلها ، التوراة والإنجيل أن خزنة النار تسعة عشر . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : { لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ } قال : ليستيقن أهل الكتاب حين وافق عدّة خزنة النار ما في كتبهم . حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ } قال : عدّة خزنة جهنم تسعة عشر في التوراة والإنجيل . وكان ابن زيد يقول في ذلك ما : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : { لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ } أنك رسول الله . وقوله : { وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إيمَاناً } يقول تعالى ذكره : وليزداد الذين آمنوا بالله تصديقاً إلى تصديقهم بالله وبرسوله بتصديقهم بعدّة خزنة جهنم . وقوله : { وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ وَالمُؤْمِنُونَ } يقول : ولا يشكّ أهل التوراة والإنجيل في حقيقة ذلك والمؤمنون بالله من أمة محمد صلى الله عليه وسلم . وقوله : { وَليَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ والكافِرُونَ } يقول تعالى ذكره : وليقول الذين في قلوبهم مرض النفاق ، والكافرون بالله من مشركي قريش { ماذَا أرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً } ، كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ } : أي نفاق . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ والكافِرُونَ ماذَا أرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً } يقول : حتى يخوّفنا بهؤلاء التسعة عشر . وقوله : { كَذَلكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ ويَهْدِي مَنْ يَشاءُ } يقول تعالى ذكره : كما أضل الله هؤلاء المنافقين والمشركين القائلين في خبر الله عن عدّة خزنة جهنم : أيّ شيء أراد الله بهذا الخبر من المثل حتى يخوّفنا بذكر عدتهم ، ويهتدي به المؤمنون ، فازدادوا بتصديقهم إلى إيمانهم إيماناً { كَذلكَ يُضِل اللَّهُ مَنْ يَشاءُ مِنْ خَلْقِهِ } فيخذله عن إصابة الحقّ { ويَهْدِي مَنْ يَشاءُ } منهم ، فيوفقه لإصابة الصواب { وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ } من كثرتهم { إلاَّ هُوَ } : يعني الله ، كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إلاَّ هُوَ } أي من كثرتهم . وقوله : { وَما هِيَ إلاَّ ذِكْرَى للْبَشَرِ } يقول تعالى ذكره : وما النار التي وصفتها إلا تذكرة ذكر بها البشر ، وهم بنو آدم . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَما هِيَ إلاَّ ذِكْرَى للْبَشَر } يعني النار . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد { وَما هِيَ إلاَّ ذِكْرَى للْبَشَر } قال : النار .