Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 77, Ayat: 35-40)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره لهؤلاء المكذّبين بثواب الله وعقابه : { هَذَا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ } أهل التكذيب بثواب الله وعقابه { وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيْعْتَذِرُونَ } مما اجترموا في الدنيا من الذنوب . فإن قال قائل : وكيف قيل : { هَذَا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ } وقد علمت بخبر الله عنهم أنهم يقولون : { رَبَّنا أخْرِجْنا مِنْها } وأنهم يقولون : { رَبَّنا أَمَتَّنا اثْنَتَينِ وأحْيَيْتَنا اثْنَتَين } في نظائر ذلك مما أخبر الله ورسوله عنهم أنهم يقولونه ؟ قيل : إن ذلك في بعض الأحوال دون بعض . وقوله : { هَذَا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ } يخبر عنهم أنهم لا ينطقون في بعض أحوال ذلك اليوم ، لا أنهم لا ينطقون ذلك اليوم كله . فإن قال : فهل من بُرهان يعلم به حقيقة ذلك ؟ قيل : نعم ، وذلك إضافة يوم إلى قوله : { لا يَنْطِقُونَ } والعرب لا تُضيف اليوم إلى فعل يفعل ، إلا إذا أرادت الساعة من اليوم والوقت منه ، وذلك كقولهم : آتيك يومَ يقدمُ فلان ، وأتيتك يوم زارك أخوك ، فمعلوم أن معنى ذلك : أتيتك ساعة زارك ، أو آتيك ساعة يقدُم ، وأنه لم يكن إتيانه إياه اليوم كله ، لأن ذلك لو كان أخذ اليوم كله لم يضف اليوم إلى فعل ويفعل ، ولكن فعل ذلك إذ كان اليوم بمعنى إذ وإذا اللتين يطلبان الأفعال دون الأسماء . وقوله : { فَيَعْتَذِرُونَ } رفعاً عطفاً على قوله : { وَلا يُؤْذَنَ لَهُمْ } وإنما اختير ذلك على النصب وقبله جحد ، لأنه رأس آية قرن بينه وبين سائر رؤوس الآيات التي قبلها ، ولو كان جاء نصباً كان جائزاً ، كما قال : لا يقضى عليهم فيموتوا ، وكلّ ذلك جائز فيه ، أعني الرفع والنصب ، كما قيل : { مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ } رفعاً ونصباً . وقوله : { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكُذِّبِينَ } يقول تعالى ذكره : ويل يومئذ للمكذّبين بخبر الله عن هؤلاء القوم ، وما هو فاعل بهم يوم القيامة . وقوله : { هَذَا يَوْمُ الفَصْلِ جَمَعْناكُمْ والأوّلِينَ } يقول تعالى ذكره لهؤلاء المكذّبين بالبعث يوم يبعثون : هذا يوم الفصل الذي يَفْصل الله فيه بالحقّ بين عباده { جَمَعْناكُمْ والأوَّلِينَ } يقول : جمعناكم فيه لموعدكم الذي كنا نعدكم في الدنيا الجمع فيه بينكم وبين سائر من كان قبلكم من الأمم الهالكة ، فقد وفَّينا لكم بذلك { فإنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ } يقول : والله منجز لكم ما وعدكم في الدنيا من العقاب على تكذيبكم إياه بأنكم مبعوثون لهذا اليوم إن كانت لكم حيلة تحتالونها في التخلص من عقابه اليوم فاحتالوا . وقوله : { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ للْمُكَذِّبِينَ } يقول : ويل يومئذ للمكذّبين بهذا الخبر .