Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 78, Ayat: 39-40)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : { ذلكَ اليَوْمُ } يعني : يوم القيامة ، وهو يوم يقوم الروح والملائكة صفاً { الْحَقُّ } : يقول : إنه حقّ كائن ، لا شكّ فيه . وقوله : { فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إلى رَبِّهِ مآباً } يقول : فمن شاء من عباده اتخذ بالتصديق بهذا اليوم الحقّ ، والاستعداد له ، والعمل بما فيه النجاة له من أهواله { مآباً } ، يعني : مرجعاً وهو مَفْعَل ، من قولهم : آب فلان من سفره ، كما قال عُبَيد : @ وكُلُّ ذِي غَيْبَةٍ يَؤُبُ وغائِبُ المَوْت لا يَؤُبُ @@ وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إلى رَبِّهِ مآباً } قال : اتخذوا إلى الله مآباً بطاعته ، وما يقرّبهم إليه . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { إلى رَبِّهِ مآباً } قال : سبيلاً . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان { مآباً } يقول : مرجعاً منزلاً . وقوله : { إنَّا أنْذَرْناكُمْ عَذَاباً قَرِيباً } يقول : إنا حذْرناكم أيها الناس عذاباً قد دنا منكم وقرُب ، وذلك { يَوْمَ يَنْظُرُ المَرْءُ } المؤمن { ما قَدَّمَتْ يَدَاهُ } من خير اكتسبه في الدنيا ، أو شر سَلَفَهُ ، فيرجو ثواب الله على صالح أعماله ، ويخاف عقابه على سيئها . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن مبارك ، عن الحسن { يَوْمَ يَنْظُرُ المَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَدَاهُ } قال : المرء المؤمن يحذَر الصغيرة ، ويخاف الكبيرة . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن محمد بن جَحَّادة ، عن الحسن { يَوْمَ يَنْظُرُ المَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَدَاهُ } قال : المرء المؤمن . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا أبو أحمد ، قال : ثنا سفيان ، عن محمد بن جحادة ، عن الحسن ، في قوله : { يَوْمَ يَنْظُرُ المَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَدَاهُ } قال : المرء المؤمن . وقوله : { وَيَقُولُ الكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً } يقول تعالى ذكره : ويقول الكافر يومئذٍ تمنياً لما يلقى من عذاب الله الذي أعدّه لأصحابه الكافرين به : يا ليتني كنت تراباً ، كالبهائم التي جُعِلت تُراباً . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا محمد بن بشار ، قال : ثنا محمد بن جعفر وابن أبي عديّ ، قالا : ثنا عوف ، عن أبي المغيرة ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : إذا كان يوم القيامة ، مدّ الأديم ، وحشر الدوابّ والبهائم والوحش ، ثم يحصل القصاص بين الدوابّ ، يقتصّ للشاة الجَمَّاء من الشاة القَرْناء نَطْحَتها ، فإذا فُرِغ من القِصاص بين الدوابّ ، قال لها : كوني تراباً ، قال : فعند ذلك يقول الكافر : يا ليتني كنت تراباً . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر قال : وحدثني جعفر بن بُرْقان ، عن يزيد بن الأصمّ ، عن أبي هريرة ، قال : إن الله يحشرُ الخلق كلهم ، كل دابة وطائر وإنسان ، يقول للبهائم والطير كونوا تراباً ، فعند ذلك يقول الكافر : يا ليتني كنت تراباً . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا المحاربيُّ عبدُ الرحمن بن محمد ، عن إسماعيل بن رافع المدَنيّ ، عن يزيد بن زياد ، عن محمد بن كعب القُرَظِيّ ، عن رجل من الأنصار ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال » : " يَقْضِي اللّهُ بَينَ خَلْقِهِ الجِنِّ والإنْسِ والبَهائِمِ ، وإنَّهُ لَيَقِيدُ يَوْمَئِذٍ الجَمَّاءِ مِنَ القَرْناءِ ، حتى إذَا لَمْ يَبْقَ تَبِعَةٌ عِنْدَ وَاحِدَةٍ لأُخْرَى ، قالَ اللّهُ : كُونُوا تُرَاباً ، فَعِنْدَ ذلكَ يَقُولُ الكافِرُ : يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً » " حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { يَوْمَ يَنْظُرُ المَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ وَيَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً } وهو الهالك المُفْرِط العاجز ، وما يمنعه أن يقول ذلك وقد راج عليه عَوْراتُ عمله ، وقد استقبل الرحمن وهو عليه غضبان ، فتمنى الموت يومئذٍ ، ولم يكن في الدنيا شيء أكره عنده من الموت . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يعقوب ، عن جعفر ، عن أبي الزِّناد عبد الله بن ذَكْوان ، قال : إذا قُضِي بين الناس ، وأمر بأهل النار إلى النار قيل لمؤمني الجنّ ولسائر الأمم سوى ولد آدم : عُودُوا تراباً ، فإذا نظر الكفار إليهم قد عادوا تراباً ، قال الكافر : يا ليتني كنت تراباً . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، في قوله : { وَيَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً } : قال : إذا قيل للبهائم : كونوا تراباً ، قال الكافر : يا ليتني كنت تراباً .