Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 79, Ayat: 1-9)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أقسم ربنا جلّ جلاله بالنازعات ، واختلف أهل التأويل فيها ، وما هي ؟ وما تنزع ؟ فقال بعضهم : هم الملائكة التي تنزع نفوس بني آدم ، والمنزوع نفوس الآدميين . ذكر من قال ذلك : حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل ، قال : ثنا النضّر بن شُمَيل ، قال : أخبرنا شُعبة ، عن سليمان ، قال : سمعت أبا الضُّحى ، عن مسروق ، عن عبد الله { والنَّازِعاتِ غَرْقاً } قال : الملائكة . حدثني أبو السائب ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن مسلم ، عن مسروق : أنه كان يقول في النازعات : هي الملائكة . حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا يوسف بن يعقوب ، قال : ثنا شعبة ، عن السديّ ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، في النازعات ، قال : حين تنزع نفسه . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { والنَّازِعاتِ غَرْقاً } قال : تَنْزِع الأنفس . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن يمان ، عن أشعث ، عن جعفر ، عن سعيد ، في قوله : { والنَّازِعاتِ غَرْقاً } قال : نزعت أرواحهم ، ثم غرقت ، ثم قذف بها في النار . وقال آخرون : بل هو الموت يَنْزِع النفوس . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد { والنَّازِعاتِ غَرْقاً } قال : الموت . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن عبد الله بن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله . وقال آخرون : هي النجوم تَنْزِع من أُفق إلى أفق . حدثنا الفضل بن إسحاق ، قال : ثنا أبو قُتَيبة ، قال : ثنا أبو العوّام ، أنه سمع الحسن في { النَّازِعاتِ غَرْقاً } قال : النجوم . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : { والنَّازِعاتِ غَرْقاً } قال : النجوم . وقال آخرون : هي القِسِيّ تَنزِع بالسهم . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا وكيع ، عن واصل بن السائب ، عن عطاء { والنَّازِعاتِ غَرْقاً } قال القِسِيّ . وقال آخرون : هي النفس حين تنزع . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن السديّ { والنَّازِعاتِ غَرْقاً } قال : النفس حين تغرق في الصدر . والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال : إن الله تعالى ذكره أقسم بالنازعات غرقاً ، ولم يخصُصْ نازعة دون نازعة ، فكلّ نازعة غَرْقاً ، فداخلة في قَسَمه ، مَلَكاً كان أو موتاً ، أو نجماً ، أو قوساً ، أو غير ذلك . والمعنى : والنازعات إغراقاً ، كما يغرق النازع في القوس . وقوله : { والنَّاشِطاتِ نَشْطاً } اختلف أهل التأويل أيضاً فيهنّ ، وما هنّ ، وما الذي يَنْشِط ، فقال بعضهم : هم الملائكة ، تَنْشِط نفس المؤمن فتقبضها ، كما يُنْشَط العِقال من البعير إذا حُلّ عنه . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثنا عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : { والنَّاشِطاتِ نَشْطاً } قال : الملائكة . وكان الفرّاء يقول : الذي سمعت من العرب أن يقولوا : أنْشَطْت ، وكأنما أُنْشط من عِقال ، ورَبْطُها : نشطها ، والرابط : الناشِط قال : وإذا ربطت الحبل في يد البعير فقد نَشَطته تَنْشِطهُ ، وأنت ناشِط ، وإذا حللته فقد أنشطته . وقال آخرون : { النَّاشِطاتِ نَشْطاً } هو الموت يَنْشِط نفسَ الإنسان . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد { والنَّاشِطاتِ نَشْطاً } قال : الموت . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، قال : ثنا سفيان ، عن عبد الله بن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا يحيى ، قال : ثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله . حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا يوسف بن يعقوب ، قال : ثنا شعبة عن السديّ ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس { والنَّاشِطاتِ نَشْطاً } قال : حين تَنْشِط نفسَه . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن السديّ { والنَّاشِطاتِ نَشْطاً } قال : نَشْطُها : حين تُنْشَط من القدمين . وقال آخرون : هي النجوم تَنْشِط من أفق إلى أفق . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قوله : { والنَّاشِطاتِ نَشْطاً } قال : النجوم . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { والنَّاشِطاتِ نَشْطاً } قال : هنّ النجوم . وقال آخرون : هي الأوهاق . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا وكيع ، عن واصل بن السائب ، عن عطاء { والنَّاشِطاتِ نَشْطاً } قال : الأوهاق . والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال : إن الله جلّ ثناؤه أقسم بالناشطات نَشْطاً ، وهي التي تَنْشُط من موضع إلى موضع ، فتذهب إليه ، ولم يخصص الله بذلك شيئاً دون شيء ، بل عَمّ القَسَم بجميع الناشطات ، والملائكة تَنْشُط من موضع إلى موضع ، وكذلك الموت ، وكذلك النجوم والأوهاق وبقر الوحش أيضاً تَنْشُط ، كما قال الطِّرِمَّاح : @ وَهَلْ بِحَلِيفِ الخَيْلِ مِمَّنْ عَهِدْتُهُ بِهِ غَيْرُ أُحْدانَ النَّوَاشِطِ رُوْعُ @@ يعني بالنواشط : بقر الوحش ، لأنها تنشَط من بلدة إلى بلدة ، كما قال رُؤْبة بن العجَّاج : @ تَشَّطَتْه كُلُّ مِغْلاةِ الّوَهَقْ @@ والهموم تَنْشُط صاحبها ، كما قال هِمْيان بن قُحافة : @ أمْستْ هُمُومي تَنْشِطُ المَناشِطَا الشَّأمَ بي طَوْراً وَطَوْراً وَاسِطَا @@ فكلّ ناشط فداخل فيما أقسم به ، إلا أن تقوم حجة يجب التسليم لها ، بأن المعنيّ بالقسم من ذلك ، بعض دون بعض . وقوله : { والسَّابِحاتِ سَبْحاً } يقول تعالى ذكره : واللواتي تسبحُ سَبْحاً . واختلف أهل التأويل في التي أقسم بها جلّ ثناؤه من السابحات ، فقال بعضهم : هي الموت تسبح في نفس ابن آدم . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد { والسَّابِحاتِ سَبْحاً } قال : الموت ، هكذا وجدته في كتابي وقد : حدثنا به ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، قال : ثنا سفيان ، عن عبد الله بن أبي نجيح ، عن مجاهد { والسَّابِحاتِ سَبْحاً } قال : الملائكة ، وهكذا وجدت هذا أيضاً في كتابي . فإن يكن ما ذكرنا عن ابن حميد صحيحاً ، فإن مجاهداً كان يرى أن نزول الملائكة من السماء سباحة ، كما يقال للفرس الجواد : إنه لسابح إذا مرّ يُسرع . وقال آخرون : هي النجوم تَسْبح في فلكها . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { والسَّابِحاتِ سَبْحاً } قال : هي النجوم . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، مثله . وقال آخرون : هي السُّفُن . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن واصل بن السائب ، عن عطاء { والسَّابِحاتِ سَبْحاً } قال : السفن . والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال : إن الله جلّ ثناؤه أقسم بالسابحات سَبْحاً من خلقه ، ولم يخصص من ذلك بعضاً دون بعض ، فذلك كل سابح ، لما وصفنا قبلُ في « النازعات « . وقوله : { فالسَّابقِاتِ سَبْقاً } اختلف أهل التأويل فيها ، فقال بعضهم : هي الملائكة . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن عبد الله بن أبي نجيح ، عن مجاهد { فالسَّابِقاتِ سَبْقاً } قال : الملائكة . وقد : حدثنا بهذا الحديث أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد { فالسَّابقاتِ سَبْقاً } قال : الموت . وقال آخرون : بل هي الخيل السابقة . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن واصل بن السائب ، عن عطاء { فالسَّابقاتِ سَبْقاً } . قال : الخيل . وقال آخرون : بل هي النجوم يَسبق بعضها بعضاً في السير . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { فالسَّابِقاتِ سَبْقاً } قال : هي النجوم . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، مثله . والقول عندنا في هذه ، مثل القول في سائر الأحرف الماضية . وقوله : { فالمُدَبِّراتِ أمْراً } يقول : فالملائكة المدبرة ما أُمِرَت به من أمر الله ، وكذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { فالمُدَبِّراتِ أمْراً } قال : هي الملائكة . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، مثله . وقوله : { يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ } يقول تعالى ذكره : يَوْمَ تَرْجُفُ الأرْضُ وَالجِبَالُ للنفخة الأولى { تَتْبَعُهاالرَّادِفَةُ } تتبعها أخرى بعدها ، وهي النفخة الثانية التي رَدِفَتِ الأولى ، لبعث يوم القيامة . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ } يقول : النفخة الأولى . وقوله : { تَتْبَعُها الرَّادِفَةُ } يقول : النفخة الثانية . حدثنا محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله { يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُها الرَّادِفَةُ } يقول : تتبع الآخرةُ الأولى ، والراجفة : النفخةُ الأولى ، والرادفة : النفخة الأخرة . حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ، قوله : { يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُها الرَّادِفَةُ } قال : هما النفختان : أما الأولى فتَميت الأحياء ، وأما الثانية فتُحيي الموتى ثم تلا الحسن : { ونُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأرْضِ إلاَّ مَنْ شاءَ اللّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فإذَا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ } حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُها الرَّادِفَةُ } قال : هما الصَّيْحتان ، أما الأولى فتُميت كلّ شيء بإذن الله ، وأما الأخرى فتُحيي كل شيء بإذن الله إن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " بَيْنَهُما أرْبَعُونَ " قال أصحابه : والله ما زادنا على ذلك . وذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " يُبْعَثُ فِي تِلْك الأرْبَعِينَ مَطَرٌ يُقالُ لَهُ الْحَياةُ ، حتى تَطِيبَ الأرْضُ وتَهْتَزَّ ، وتَنْبُتَ أجْسادُ النَّاسِ نَباتَ البَقْلِ ، ثُمَّ تُنْفَخُ النَّفْخَةُ الثَّانِيَةُ ، فإذَا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ " حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا عبد الرحمن بن محمد المُحَاربيّ ، عن إسماعيل بن رافع المَدَنِيّ ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن رجل ، عن محمد بن كعب القُرَظِيّ ، عن رجل من الأنصار ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذكر الصُّور ، فقال أبو هريرة : يا رسول الله ، وما الصُّور ؟ قال : " قَرْنٌ " ، قال : فكيف هو ؟ قال : " قَرْنٌ عَظِيمٌ يُنْفَخُ فِيهِ ثَلاثُ نَفَخاتٍ : الأُولى نَفْخَةُ الفَزَع ، والثَّانِيَةُ نَفْخَةُ الصَّعْق ، والثَّالِثَةُ نَفْخَةُ القِيام ، فَيَفْزَعُ أهْلُ السَّمَوَاتِ والأرْض إلاَّ مَنْ شاء الله ، ويأمر الله فيدِيمُها ، ويطوّلها ، ولا يَفْتُر ، وهي التي تقول : ما ينظر هؤلاء إلاَّ صيحة واحدة مالها من فَوَاق ، فيسيِّر الله الجبال ، فتكون سَراباً ، وتُرَجّ الأرض بأهلها رجًّا ، وهي التي يقول : يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُها الرَّادِفَةُ قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ " حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن الطُّفيل بن أبيّ ، عن أبيه ، قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : { يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُها الرَّادِفَةُ } فقال : " جاءت الراجفة تتبعها الرادفة ، جاء الموت بما فيه " حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ } : النفخة الأولى ، { تَتْبَعُها الرَّادِفَةُ } : النفخة الأخرى . وقال آخرون في ذلك ما : حدثني به محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : { يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ } قال : ترجف الأرض والجبال ، وهي الزلزلة . وقوله : { الرَّادِفَةُ } قال : هو قوله : { إذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ } فدُكتا دَكةً واحدة . وقال آخرون : ترجف الأرض ، والرادفة : الساعة . ذكر من قال ذلك : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجفَةُ } الأرض ، وفي قوله : { تَتْبَعُها الرَّادِفَةُ } قال : الرادفة : الساعة . واختلف أهل العربية في موضع جواب قوله : { والنَّازِعات غَرْقاً } فقال بعضُ نحويِّي البصرة : قوله { والنَّازِعاتِ غَرْقاً } : قسم والله أعلم على { إنَّ في ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَن يَخْشَى } وإن شئت جعلتها على { يَوْم تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ } وهو كما قال الله وشاء أن يكون في كل هذا ، وفي كلّ الأمور . وقال بعض نحويِّي الكُوفة : جواب القسم في النازعات : ما تُرِك ، لمعرفة السامعين بالمعنى ، كأنه لو ظهر كان لَتُبْعَثُنّ ولتحاسبنّ قال : ويدل على ذلك { أئِذَا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً } ألا ترى أنه كالجواب لقوله : { لَتُبْعَثُنَّ } إذ قال : { أئِذَا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً } وقال آخر منهم نحو هذا ، غير أنه قال : لا يجوز حذف اللام في جواب اليمين ، لأنها إذا حذفت لم يُعرف موضعها ، وذلك أنها تلي كلّ كلام . والصواب من القول في ذلك عندنا : أن جواب القسم في هذا الموضع ، مما استغني عنه بدلالة الكلام ، فتُرك ذكره . وقوله : { قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ } يقول تعالى ذكره : قلوب خَلْقٍ من خلقه يومئذٍ خائفة من عظيم الهول النازل . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس { قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ } يقول : خائفة . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : واجفة : خائفة . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في « واجفة » ، قال : خائفة . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله { قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ } يقول : خائفة ، وجَفَت مما عاينت يومئذٍ . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ } قال : الواجفة : الخائفة . وقوله : { أبْصَارُها خاشِعَةٌ } يقول : أبصار أصحابها ذليلة مما قد علاها من الكآبة والحزن من الخوف والرعب الذي قد نزل بهم ، من عظيم هول ذلك اليوم ، كما : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { أبْصَارُها خاشِعَةٌ } قال : خاشعة للذلّ الذي قد نزل بها . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { أبْصَارُها خاشِعَةٌ } يقول : ذليلة .