Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 79, Ayat: 29-32)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله : { وأغْطَشَ لَيْلَها } يقول تعالى ذكره : وأظلم ليل السماء ، فأضاف الليل إلى السماء ، لأن الليل غروب الشمس ، وغروبها وطلوعها فيها ، فأضيف إليها لَمَّا كان فيها ، كما قيل نجوم الليل ، إذ كان فيه الطلوع والغروب . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { وأغْطَش لَيْلَها } يقول : أظلم ليلها . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس { وأغْطَشَ لَيْلَها } يقول : أظلم ليلها . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { وأغْطَشَ لَيْلَها } قال : أظلم . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وأغْطَشَ لَيْلَها } قال : أظلم ليلَها . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { وأغْطَشَ لَيْلَها } قال : أظلم . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وأغْطَشَ لَيْلَها } قال : الظُّلمة . حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { وأغْطَشَ لَيْلَها } يقول : أظلم ليلَها . حدثنا محمد بن سِنانٍ القزّاز ، قال : ثنا حفص بن عمر ، قال : ثنا الحكم عن عكرِمة { وأغْطَشَ لَيْلَها } قال : أظلم ليلها . وقوله : { وأخْرَجَ ضُحاها } يقول : وأخرج ضياءها ، يعني : أبرز نهارها فأظهره ، ونوّر ضحاها . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد { وأخْرَجَ ضُحاها } نوّرها . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وأخْرَجَ ضُحاها } يقول : نوّر ضياءها . حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { وأخْرَجَ ضُحاها } قال : نهارَها . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وأخْرَجَ ضُحاها } قال : ضوء النهار . وقوله : { والأرْضَ بَعْدَ ذلكَ دَحاها } : اختلف أهل التأويل في معنى قوله { بَعْدَ ذلكَ } فقال بعضهم : دُحِيت الأرض من بعد خَلق السماء . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله حيث ذكر خلق الأرض قبل السماء ، ثم ذكر السماء قبل الأرض ، وذلك أن الله خَلق الأرض بأقواتها من غير أن يدحوها قبل السماء ، ثم استوى إلى السماء فسوّاهنّ سبع سموات ، ثم دحا الأرض بعد ذلك ، فذلك قوله : { والأرْضَ بَعْدَ ذلكَ دَحاها } . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس { والأرْضَ بَعْدَ ذلكَ دَحاها أخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها والجِبالَ أرْساها } يعني : أن الله خلق السموات والأرض ، فلما فرغ من السموات قبل أن يخلق أقوات الأرض فيها ، بعد خلق السماء ، وأرسى الجبال ، يعني بذلك دَحْوها الأقوات ، ولم تكن تصلح أقوات الأرض ونباتها إلاَّ بالليل والنهار ، فذلك قوله : { والأرْضَ بَعْدَ ذلكَ دَحاها } ألم تسمع أنه قال : { أخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرعَاها } . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يعقوب ، عن حفص ، عن عكرِمة ، عن ابن عباس ، قال : وضع البيت على الماء على أربعة أركان قبل أن يخلق الدنيا بألفي عام ، ثم دُحيت الأرض من تحت البيت . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن بكير بن الأخنس ، عن مجاهد ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : خلق الله البيت قبل الأرض بألفي سنة ، ومنه دُحِيت الأرض . وقال آخرون : بل معنى ذلك : والأرض مع ذلك دحاها ، وقالوا والأرض خُلِقت ودحيت قبل السماء ، وذلك أن الله قال : { هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الأرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إلى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ } قالوا : فأخبر الله أنه سَوَّى السموات بعد أن خلق ما في الأرض جميعاً ، قالوا فإذا كان ذلك كذلك ، فلا وجه لقوله : { والأرْضَ بَعْدَ ذلكَ دَحاها } إلاَّ ما ذكرنا ، من أنه مع ذلك دحاها ، قالوا : وذلك كقول الله عزّ وجلّ : { عُتُلِّ بَعْدَ ذَلكَ زنِيمٌ } بمعنى : مع ذلك زنيم ، وكما يقال للرجل : أنت أحمق ، وأنت بعد هذا لئيم الحسب ، بمعنى : مع هذا ، وكما قال جلّ ثناؤه : { وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ } أي من قبل الذكر ، واستشهد بقول الهُذَليّ : @ حَمِدْتُ إلَهِي بَعْدَ عُرْوَةَ إذْ نَجَا خِراشٌ وبَعْضُ الشَّرّ أهْوَنُ مِنْ بَعْضِ @@ وزعموا أن خراشاً نجا قبل عُرْوة . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن خَصِيف ، عن مجاهد { والأرْضَ بَعْدَ ذلكَ دَحاها } قال : مع ذلك دحاها . حدثني ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، أنه قال : « والأرْضَ عِنْدَ ذلكَ دَحاها « . حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : ثنا عليّ بن معبد ، قال : ثنا محمد بن سلمة ، عن خصيف ، عن مجاهد { والأرْضَ بَعْدَ ذلكَ دَحاها } قال : مع ذلك دحاها . حدثني محمد بن خلف العَسْقلانيّ ، قال : ثنا روّاد بن الجرّاح ، عن أبي حمزة ، عن السديّ ، في قوله : { والأرْضَ بَعْدَ ذلكَ دَحاها } قال : مع ذلك دحاها . والقول الذي ذكرناه عن ابن عباس من أن الله تعالى خلق الأرض ، وقدّر فيها أقواتها ، ولم يَدْحُها ، ثم استوى إلى السماء فسوّاهنّ سبع سموات ، ثم دحا الأرض بعد ذلك ، فأخرج منها ماءها ومرعاها ، وأرسى جبالها ، أشبه بما دلّ عليه ظاهر التنزيل ، لأنه جلّ ثناؤه قال : { والأرْضَ بَعْدَ ذلكَ دَحاها } ، والمعروف من معنى « بَعْد » أنه خلاف معنى « قَبْل » ، وليس في دحو الله الأرض بعد تسويته السموات السبع ، وإغطاشه ليلها ، وإخراجه ضحاها ، ما يوجب أن تكون الأرض خُلقت بعد خلق السموات لأن الدحو إنما هو البسط في كلام العرب ، والمدّ يقال منه : دحا يدحو دَحْواً ، ودَحَيْتُ أَدْحِي دَحْياً لغتان ومنه قول أُمَّية بن أبي الصلت : @ دَارٌ دَحاها ثُمَّ أعْمَرَنا بِها وأقامَ بالأخْرَى التي هيَ أمْجَدُ @@ وقول أوس بن حجر في نعت غيث : @ يَنْفِي الحصَى عن جديد الأرْضِ مُبْتَرِكٌ كأنَّه فاحِصٌ أو لاعبٌ داحِي @@ وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { والأرْضَ بَعْدَ ذلكَ دَحاها } : أي بسطها . حدثني محمد بن خلف ، قال : ثنا رَوّاد ، عن أبي حمزة ، عن السديّ { دَحاها } قال : بسطها . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان : دحاها : بسطها . وقال ابن زيد في ذلك ما : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { دَحاها } قال : حرثها شقَّها وقال : { أخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها } ، وقرأ : { ثُمَّ شَقَقْنا الأرْضَ شَقًّا … } حتى بلغ { وَفاكِهَةً وأبًّا } ، وقال حين شقَّها أنبتَ هذا منها ، وقرأ : { والأرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ } وقوله : { أخْرَجَ مِنْها ماءَها } يقول : فجَّر فيها الأنهار . { وَمَرْعاها } يقول : أنبت نباتَها . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { وَمَرْعاها } ما خلق الله فيها من النبات ، وماءَها : ما فجَّر فيها من الأنهار . وقوله : { والجِبالَ أرْساها } يقول : والجبال أثبتها فيها ، وفي الكلام متروك استغني بدلالة الكلام عليه من ذكره ، وهو فيها ، وذلك أن معنى الكلام : والجبال أرساها فيها . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { والجِبالَ أرْساها } : أي أثبتها لا تَمِيد بأهلها . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن عطاء ، عن أبي عبد الرحمن السُّلَمِيّ ، عن عليّ قال : لما خلق الله الأرض قَمَصَت وقالت : تَخْلُق عليَّ آدمَ وذرّيته يُلقون عليَّ نَتْنهم ، ويعملون عليَّ بالخطايا فأرساها الله ، فمنها ما ترون ، ومنها ما لا ترون ، فكان أوّل قرار الأرض كلحم الجزور إذا نُخِر يختلج لحمها .