Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 79, Ayat: 42-46)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : يسألك يا محمد هؤلاء المكذّبون بالبعث عن الساعة التي تبعث فيها الموتَى من قبورهم أيانَ مرساها ، متى قيامها وظهورها ؟ وكان الفرّاء يقول : إن قال قائل : إنما الإرساء للسفينة ، والجبال الراسية وما أشبههنّ ، فكيف وصَفَ الساعة بالإرساء ؟ قلت : هي بمنزلة السفينة إذا كانت جارية فرست ، ورسوّها : قيامها قال : وليس قيامها كقيام القائم ، إنما هي كقولك : قد قام العدل ، وقام الحقّ : أي ظهر وثبت . قال أبو جعفر رحمه الله : يقول الله لنبيه : { فِيمَ أنْتَ مِنْ ذِكْراها } يقول : في أيّ شيء أنت من ذكر الساعة والبحث عن شأنها . وذُكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُكثر ذكر الساعة ، حتى نزلت هذه الآية . حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا سفيان بن عيينة ، عن الزهريّ ، عن عُروة ، عن عائشة ، قالت : لم يزلِ النبيّ صلى الله عليه وسلم يَسأل عن الساعة ، حتى أنزل الله عزّ وجلّ : { فِيمَ أنْتَ مِنْ ذِكْراها إلى رَبِّكَ مُنْتَهاها } . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا وكيع ، عن إسماعيل ، عن طارق بن شهاب ، قال : كان النبيّ صلى الله عليه وسلم لا يزال يَذكر شأن الساعة حتى نزلت { يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أيَّانَ مُرْساها } ؟ … إلى { مَنْ يَخْشاها } . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { فيمَ أنْتَ مِنْ ذِكْراها } قال : الساعة . وقوله : { إلى رَبِّكَ مُنْتَهاها } يقول : إلى ربك منتهى علمها ، أي إليه ينتهي علم الساعة ، لا يعلم وقت قيامها غيره . وقوله : { إنَّمَا أنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها } يقول تعالى ذكره لمحمد : إنما أنت رسول مبعوث بإنذار الساعة من يخاف عقاب الله فيها على إجرامه ، ولم تكلَّف علمَ وقت قيامها ، يقول : فدع ما لم تكلف علمَه ، واعمل بما أُمرت به ، من إنذار من أُمرت بإنذاره . واختلف القرّاء في قراءة قوله : { مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها } فكان أبو جعفر القارىء وابن محيصن يقرآن : « مُنْذِرٌ » بالتنوين ، بمعنى : أنه منذرٌ مَنْ يَخشاها وقرأ ذلك سائر قرّاء المدينة ومكة والكوفة والبصرة بإضافة مُنْذِرٍ إلى من . والصواب من القول في ذلك عندي : أنهم قراءتان معروفتان ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب . وقوله : { كأنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إلاَّ عَشِيَّةً أوْ ضُحاها } يقول جلّ ثناؤه : كأن هؤلاء المكذّبين بالساعة ، يوم يرون أن الساعة قد قامت ، من عظيم هولها ، لم يلبثوا في الدنيا إلا عشية يوم ، أو ضحا تلك العشية والعرب تقول : آتيك العشية أو غدَاتَها ، وآتيك الغداةَ أو عشيتها ، فيجعلون معنى الغداة ، بمعنى أوّل النهار ، والعشية : آخر النهار ، فكذلك قوله : { إلاَّ عَشِيَّةً أوْ ضُحاها } إنما معناها إلا آخر يوم أو أوّله ، وينشد هذا البيت : @ نَحْنُ صَبَحْنا عامِراً فِي دَارِها عَشِيَّةَ الهِلالِ أوْ سِرَارِها @@ يعني : عشية الهلال ، أو عشية سرار العشية . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { كأنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثوا إلاَّ عَشِيَّةً أوْ ضُحاها } وقت الدنيا في أعين القوم حين عاينوا الآخرة .