Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 26-26)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وهذا تذكير من الله عزّ وجلّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومناصحة . يقول : أطيعوا الله ورسوله أيها الـمؤمنون ، واستـجيبوا له إذا دعاكم لـما يحيـيكم ولا تـخالفوا أمره ، وإن أمركم بـما فـيه علـيكم الـمشقة والشدّة ، فإن الله يهوّنه علـيكم بطاعتكم إياه ويعجل لكم منه ما تـحبون ، كما فعل بكم إذ آمنتـم به واتبعتـموه وأنتـم قلـيـل يستضعفكم الكفـار فـيفتنونكم عن دينكم وينالونكم بـالـمكروه فـي أنفسكم وأعراضكم تـخافون منهم أن يتـخطفوكم فـيقتلوكم ويصطلـموا جميعكم { فآوَاكُمْ } يقول : فجعل لكم مأوى تأوون إلـيه منهم . { وأيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ } يقول : وقوّاكم بنصره علـيهم ، حتـى قتلتـم منهم من قتلتـم ببدر . { وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبـاتِ } يقول : وأطعمكم غنـيـمتهم حلالاً طيبـاً . { لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } يقول : لكي تشكروا علـى ما رزقكم وأنعم به علـيكم من ذلك وغيره من نعمه عندكم . واختلف أهل التأويـل فـي الناس الذين عنوا بقوله : { أنْ يَتَـخَطَّفَكُمُ النَّاسُ } فقال بعضهم : كفـار قريش . ذكر من قال ذلك . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن عكرمة ، قوله : { وَاذكُرُوا إذ أنْتُـمْ قَلـيـلٌ مُسْتَضعَفُونَ فِـي الأرضِ تَـخافُونَ أن يَتَـخَطَّفَكُمُ النَّاسُ } قال : يعنـي بـمكة مع النبـي صلى الله عليه وسلم ومن تبعه من قريش وحلفـائها وموالـيها قبل الهجرة . حدثنا ابن عبد الأعلـى ، قال : ثنا مـحمد بن ثور ، عن معمر ، عن الكلبـي أو قتادة أو كلـيهما : { وَاذكُرُوا إذْ أنْتُـمْ قَلـيـلٌ مُسْتَضْعَفُونَ } أنها نزلت فـي يوم بدر ، كانوا يومئذٍ يخافون أن يتـخطفهم الناس ، فآواهم الله وأيدهم بنصره . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة ، بنـحوه . وقال آخرون : بل عُنـي به غيرُ قريش . ذكر من قال ذلك . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنـي أبـي ، قال : سمعت وهب بن منبه يقول فـي قوله عزّ وجلّ : { تَـخافُونَ أنْ يَتَـخَطَّفَكُمُ النَّاسُ } قال : فـارس . قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا إسماعيـل بن عبد الكريـم ، قال : ثنـي عبد الصمد ، أنه سمع وهب بن منبه يقول ، وقرأ : { وَاذْكُرُوا إذْ أنْتُـمْ قَلِـيـلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِـي الأرْضِ تَـخافُونَ أنْ يَتَـخَطَّفَكُمُ النَّاسُ } والناس إذ ذاك : فـارس ، والروم . قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَاذْكُرُوا إذْ أنْتُـمْ قَلِـيـلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِـي الأرْضِ } قال : كان هذا الـحيّ من العرب أذلّ الناس ذلاًّ ، وأشقاه عيشاً ، وأجوعه بطوناً ، وأعراه جلوداً ، وأبـينه ضلالاً من عاش منهم عاش شقـيًّا ، ومن مات منهم ردّي فـي الناس ، يؤكلون ولا يأكلون ، والله ما نعلـم قبـيلاً من حاضر أهل الأرض يومئذٍ كانوا أشرّ منهم منزلاً . حتـى جاء الله بـالإسلام ، فمكَّن به فـي البلاد ، ووسَّع به فـي الرزق ، وجعلكم به ملوكا علـى رقاب الناس ، فبـالإسلام أعطى الله ما رأيتـم ، فـاشكروا الله علـى نعمه ، فإن ربكم منعم يحبّ الشكر وأهل الشكر فـي مزيد من الله تبـارك وتعالـى . وأولـى القولـين فـي ذلك عندي بـالصواب ، قول من قال : عُنـي بذلك مشركو قريش لأن الـمسلـمين لـم يكونوا يخافون علـى أنفسهم قبل الهجرة من غيرهم ، لأنهم كانوا أدنى الكفـار منهم إلـيهم ، وأشدّهم علـيهم يومئذٍ مع كثرة عددهم وقلة عدد الـمسلـمين . وأما قوله : { فَآوَاكُمْ } فإنه يعنـي : آواكم الـمدينة ، وكذلك قوله : { وأيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ } بـالأنصار . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد بن مفضل ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ : { فَآوَاكُمْ } قال : إلـى الأنصار بـالـمدينة . { وأيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ } وهؤلاء أصحاب مـحمد صلى الله عليه وسلم ، أيدهم بنصره يوم بدر . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن عكرمة : { فَآوَاكُمْ وأيَّدَكُمْ بِنَصْرهِ ، وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطيِّبـاتِ } يعنـي بـالـمدينة .