Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 80, Ayat: 11-17)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : { كَلاَّ } ما الأمر كما تفعل يا محمد ، من أن تعبِس في وجه من جاءك يسعى وهو يخشى ، وتتصدّى لمن استغنى { إنَّها تَذْكِرَةٌ } يقول : إن هذه العظة وهذه السورة { تذكرة } يقول : عظة وعبرة { فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ } يقول : فمن شاء من عباد الله ذكره ، يقول : ذكر تنزيل الله ووحيه ، والهاء في قوله « إنَّها » للسورة ، وفي قوله « ذَكَرَهُ » للتنزيل والوحي { في صحف } يقول إنها تذكرة { فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ } يعني في اللوح المحفوظ ، وهو المرفوع المطهَّر عند الله . وقوله : { بِأيْدِي سَفَرةٍ } يقول : الصحف المكرّمة بأيدي سَفَرة ، جمع سافر . واختلف أهل التأويل فيهم ما هم ؟ فقال بعضهم : هم كَتَبة . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله : { بِأيْدِي سَفَرَةٍ } يقول : كَتَبة . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : { بِأيْدِي سَفَرةٍ } قال : الكَتَبة . وقال آخرون : هم القُرّاء . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوَعَةٍ مُطَهَّرَةٍ بِأيْدِي سَفَرةٍ } قال : هم القرّاء . وقال آخرون : هم الملائكة . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس { بِأيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ } يعني الملائكة . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : { بِأيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ } قال : السَّفَرة : الذين يُحْصون الأعمال . وأولى الأقوال في ذلك بالصواب : قول من قال : هم الملائكة الذين يَسْفِرون بين الله ورسله بالوحي . وسفير القوم : الذي يسعى بينهم بالصلح ، يقال : سَفَرت بين القوم : إذا أصلحت بينهم ومنه قول الشاعر : @ وَما أدَعُ السِّفارَةَ بَينَ قَوْمي وَما أمْشِي بِغِشَ إنْ مَشَيْتُ @@ وإذا وُجِّه التأويل إلى ما قلنا ، احتمل الوجه الذي قاله القائلون هم الكَتَبة ، والذي قاله القائلون هم القُرّاء ، لأن الملائكة هي التي تقرأ الكتب ، وتَسْفِر بين الله وبين رسله . وقوله : { كِرَامٍ بَرَرَةٍ } والبَرَرة : جمع بارّ ، كما الكَفَرة جمع كافر ، والسَّحَرة جمع ساحر ، غير أن المعروف من كلام العرب إذا نطقوا بواحدة أن يقولوا : رجل بَرّ ، وامرأة برّة ، وإذا جمعوا ردّوه إلى جمع فاعل ، كما قالوا : رجل سَرِيّ ، ثم قالوا في جمعه : قوم سَراة ، وكان القياس في واحده أن يكون سارياً . وقد حُكي سماعاً من بعض العرب : قوم خِيَرَة بَرَرَة ، وواحد الخَيرة : خَيْر ، والبَرَرَة : برّ . وقوله : { قُتِلَ الإنْسانُ ما أكْفَرَهُ } يقول تعالى ذكره : لعن الإنسانُ الكافر ما أكفره وبنحو الذي قلنا في ذلك قال مجاهد . حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي ، قال : ثنا عبد الحميد الحِمّانيّ ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، قال : ما كان في القرآن { قُتِلَ الإنْسانُ } أو فُعل بالإنسان ، فإنما عني به الكافر . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان { قُتِلَ الإنْسانُ ما أكْفَرَهُ } بلغني أنه الكافر . وفي قوله : { أكْفَرَهُ } وجهان . أحدهما : التعجب من كفره ، مع إحسان الله إليه ، وأياديه عنده . والآخر : ما الذي أكفره ، أي أيّ شيء أكفَره ؟