Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 80, Ayat: 18-23)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : من أيّ شيء خلق الإنسانَ الكافرَ ربُّه حتي يَتَكَبَّرَ . ويتعظَّم عن طاعة ربه ، والإقرار بتوحيده ثم بين جلّ ثناؤه الذي منه خلقه ، فقال : { مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ } أحوالاً : نطفة تارة ، ثم عَلَقة أخرى ، ثم مُضْغة ، إلى أن أتت عليه أحواله ، وهو في رحم أمه { ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ } يقول : ثم يسَّره للسبيل ، يعني للطريق . واختلف أهل التأويل في السبيل الذي يسَّره لها ، فقال بعضهم : هو خروجه من بطن أمه . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، { ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ } يعني بذلك : خروجه من بطن أمه يسَّره له . حدثني ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن إسماعيل ، عن أبي صالح { ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ } قال : سبيل الرَّحِم . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن السديّ { ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ } قال : خروجه من بطن أمه . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { ثُمَّ السَبِيلَ يَسَّرَهُ } قال : خروجه من بطن أمه . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ } قال : أخرجه من بطن أمه . وقال آخرون : بل معنى ذلك : طريق الحقّ والباطل ، بيَّناه له وأعملناه ، وسهلنا له العمل به . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد { ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ } قال : هو كقوله : { إنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إمَّا شاكِراً وَإمَّا كَفُوراً } حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ } قال : على نحو { إنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ } حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : سبيل الشقاء والسعادة ، وهو كقوله : { إنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ } حدثنا ابن عبدالأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : قال الحسن ، في قوله : { ثُمَّ السَّبيلَ يَسَّرَهُ } قال : سبيل الخير . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ } قال : هداه للإسلام الذي يسَّره له ، وأعلمه به ، والسبيل سبيل الإسلام . وأولى التأويلين في ذلك عندي بالصواب . قول من قال : ثم الطريق ، وهو الخروج من بطن أمه يسَّره . وإنما قلنا ذلك أولى التأويلين بالصواب ، لأنه أشبههما بظاهر الآية ، وذلك أن الخبر من الله قبلها وبعدها عن صفته خلقه ، وتدبيره جسمه ، وتصريفه إياه في الأحوال ، فالأولى أن يكون أوسط ذلك نظير ما قبله وبعده . وقوله : { ثُمَّ أماتَهُ فأقْبَرَهُ } يقول : ثم قَبَضَ رُوحه ، فأماته بعد ذلك . يعني بقوله : { أقْبَرَهُ } : صيره ذا قبر ، والقابر : هو الدافن المَيْتَ بيده ، كما قال الأعشى : @ لَوْ أسْنَدَتْ مَيْتاً إلى نَحْرِها عاشَ ولَمْ يُنْقَلْ إلى قابِرِ @@ والمُقْبِر : هو الله ، الذي أمر عباده أن يقبروه بعد وفاته ، فصيره ذا قبر . والعرب تقول فيما ذُكر لي : بَتَرْت ذنب البعير ، والله أبتره وعَضَبْت قَرنَ الثور والله أعضبه وطردت عني فلاناً ، والله أطْرَدَه ، صَيَّره طريداً . وقوله : { ثُمَّ إذَا شاءَ أنْشَرَهُ } يقول : ثم إذا شاء الله أنشره بعد مماته وأحياه ، يقال : أنْشَرَ الله الميت ، بمعنى : أحياه ، ونَشَرَ الميتُ بمعنى حيي هو بنفسه ومنه قول الأعشى : @ حتى يَقُولَ النَّاسُ مِمَّا رأَوْا يا عَجَبَاً لِلْمَيِّتِ النَّاشِرِ @@ وقوله : { كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ ما أمَرَهُ } يقول تعالى ذكره : كلا ليس الأمر كما يقول هذا الإنسان الكافر ، من أنه قد أدّى حقّ الله عليه ، في نفسه وماله ، { لمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ } : لم يؤدّ ما فرض عليه من الفرائض ربُّه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { لَمّا يَقْضِ ما أمَرَهُ } قال : لا يقضي أحد أبداً ما افُتِرض عليه . وقال الحارث : كلّ ما افترض عليه .