Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 80, Ayat: 31-42)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : وفاكهة : ما يأكله الناس من ثمار الأشجار ، والأبّ : ما تأكله البهائم من العُشب والنبات . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن مبارك ، عن الحسن { وَفاكِهَةً } قال : ما يأكل ابن آدم . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد { وَفاكِهَةً } قال : ما أكل الناس . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَفاكِهَةً } قال : أما الفاكهة فلكم . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وَفاكِهَةً } قال : الفاكهة لنا . حدثنا حميد بن مسعدة ، قال : ثنا بشر بن المفضل ، قال : ثنا حميد ، قال : قال أنس بن مالك : قرأ عمر : عَبَسَ وَتَوَّلَى حتى أتى على هذه الآية : { وَفاكِهَةً وأبًّا } قال : قد علمنا ما الفاكهة ، فما الأبّ ؟ ثم أحسبه « شكّ الطبريّ » قال : إن هذا لهو التكلف . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا ابن أبي عديّ ، عن حميد ، عن أنس ، قال : قرأ عمر بن الخطاب رضي الله عنه { عَبَسَ وَتَوَلَّى } فلما أتى على هذه الآية { وَفاكِهَةً وأبًّا } قال : قد عرفنا الفاكهة ، فما الأبّ ؟ قال : لعمرك يا بن الخطاب إن هذا لهو التكلف . حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن موسى بن أنس ، عن أنس ، قال : قرأ عمر : { وَفاكِهَةً وأبًّا } ومعه عصا في يده ، فقال : ما الأبّ ؟ ثم قال : بحسبنا ما قد علمنا ، وألقى العصا من يده . حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن خليد بن جعفر ، عن أبي إياس معاوية بن قُرة ، عن أنس ، عن عمر رضي الله عنه أنه قال : إن هذا هو التكلف . قال : وحدثني قتادة ، عن أنس ، عن عمر بنحو هذا الحديث كله . حدثنا أبو كريب وأبو السائب ويعقوب ، قالوا : ثنا ابن إدريس ، قال : سمعت عاصم بن كُلَيب ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قال : عدّ سبعاً ، جعل رزقه في سبعة ، وجعله من سبعة ، وقال في آخر ذلك : الأبّ ما أنبتت الأرض ، مما لا يأكل الناس . حدثنا أبو هشام ، قال : ثنا ابن فضيل ، قال : ثنا عاصم ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قال : الأبّ : نبت الأرض مما تأكله الدوابّ ، ولا يأكله الناس . حدثنا أبو كرب وأبو السائب ، قالا : ثنا ابن إدريس ، قال : ثنا عبد الملك ، عن سعيد بن جُبَير ، قال : عدّ ابن عباس ، وقال : الأبّ : ما أنبتت الأرض للأنعام ، وهذا لفظ حديث أبي كريب . وقال أبو السائب في حديثه ، قال : ما أنبتت الأرض مما يأكل الناس وتأكل الأنعام . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قال : الأبّ : الكلأ والمرعى كله . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن أبي رَزِين ، قال : الأبّ النبات . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن أبي رَزين ، مثله . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن الأعمش أو غيره ، عن مجاهد ، قال : الأبّ : المرعى . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، قال : قال مجاهد { وأبًّا } : المرعى . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن مبارك ، عن الحسن { وأبًّا } قال : الأبّ : ما تأكل الأنعام . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { وأبًّا } قال : الأبّ : ما أكلت الأنعام . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : أما الأبّ : فلأنعامكم نعم من الله متظاهرة . حدثنا ابن بشر ، قال : ثنا عبد الواحد ، قال : ثنا يونس ، عن الحسن ، في قوله : { وأبًّا } قال : الأبّ : العشب . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الحسن ، وقتادة ، في قوله : { وأبًّا } قال : هو ما تأكله الدوابّ . حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { وأبًّا } يعني : المرعى . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وأبًّا } قال : الأبّ لأنعامنا ، قال : والأبّ : ما ترعى . وقرأ : { مَتاعاً لَكُمْ ولأَنْعامِكُمْ } . قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني يونس وعمرو بن الحارث ، عن ابن شهاب أن أنس بن مالك حدثه أنه سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : قال الله : { وَقَضْباً وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً وَحَدائِقَ غُلْباً وَفاكِهَةً وأبًّا } كلّ هذا قد علمناه ، فما الأبّ ؟ ثم ضرب بيده ، ثم قال : لعمُرك إن هذا لهو التكلف ، واتبعوا ما يتبين لكم في هذا الكتاب . قال عمر : وما يتبين فعليكم به ، وما لا فدعوه . وقال آخرون : الأبّ : الثمار الرَّطبة . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { وأبًّا } يقول : الثمار الرطبة . وقوله : { مَتاعاً لَكُمْ } يقول : أنبتنا هذه الأشياء التي يأكلها بنو آدم متاعاً لكم أيها الناس ، ومنفعة تتمتعون بها ، وتنتفعون ، والتي يأكلها الأنعام لأنعامكم ، وأصل الأنعام الإبل ، ثم تستعمل في كلّ راعية . وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن ، في قوله : { مَتاعاً لَكُمْ وَلأَنْعامِكُمْ } قال : متاعاً لكم الفاكهة ، ولأنعامكم العشب . وقوله : { فَإذَا جاءَتِ الصَّاخَّةُ } ذُكر أنها اسم من أسماء القيامة ، وأحسبها مأخوذة من قولهم : صاخ فلان لصوت فلان : إذا استمع له ، إلاَّ أن هذا يقال منه : هو مُصِيخ له ، ولعلّ الصوت هو الصاخ ، فإن يكون ذلك كذلك ، فينبغي أن يكون قيل ذلك لنفخة الصور . ذكر من قال : هو اسم من أسماء القيامة : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله { فَإذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ } قال : هذا من أسماء يوم القيامة عظَّمه الله ، وحذّره عباده . وقوله : { يَوْمَ يَفِرُّ المَرْءُ مِنْ أخِيهِ } يقول : فإذا جاءت الصاخة ، في هذا اليوم الذي يفرّ فيه المرء من أخيه . ويعني بقوله : يفرّ من أخيه : يفرّ عن أخيه { وأُمِّهِ وأبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ } يعني زوجته التي كانت زوجته في الدنيا { وَبَنِيهِ } حَذِراً من مطالبتهم إياه ، بما بينه وبينهم من التَّبعات والمظالم . وقال بعضهم : معنى قوله : { يَفِرُّ المَرْءُ مِنْ أخِيهِ } : يفرّ عن أخيه لئلا يراه ، وما ينزل به ، { لكُلِّ امْرِىءٍ مِنْهُمْ } يعني من الرجل وأخيه وأمه وأبيه ، وسائر من ذُكر في هذه الآية { يَوْمَئِذٍ } يعني يوم القيامة إذا جاءت الصاخَّة يوم القيامة { شأْنٌ يُغْنِيهِ } يقول : أمر يغنيه ، ويُشغله عن شأن غيره ، كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { لِكُلّ امْرِىءٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شأْنٌ يُغْنِيهِ } أفضى إلى كلّ إنسان ما يشغله عن الناس . حدثنا أبو عمارة المَرْوَزِيّ الحسين بن حُريث ، قال : ثنا الفضل بن موسى ، عن عائذ بن شريح ، عن أنس قال : سألت عائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : يا رسول الله بأبي أنت وأمي ، إني سائلتك عن حديث أخبرني أنت به ، قال : " » إنْ كانَ عِنْدي مِنْهُ عِلْمٌ « " قالت : يا نبيّ الله ، كيف يُحْشرُ الرجالُ ؟ قال : » " حُفاةً عُرَاةً " ثم انتظرت ساعة فقالت : يا نبيّ الله كيف يُحْشر النساء ؟ قال : " كَذلكَ حُفاةً عُرَاةً " قالت : واسوءَتاه من يوم القيامة قال : " وَعَنْ ذلكَ تسألِينِي ، إنَّهُ قَدْ نَزَلَتْ عليّ آيَةٌ لا يَضُرُّكِ كانَ عَلَيْكِ ثِيابٌ أمْ لا " ، قالت : أيّ آية هي يا نبيّ الله ؟ قال : { لِكُلِّ امْرِىءٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شأْنٌ يُغْنِيهِ } . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قول الله : { لِكُلِّ امْرِىءٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شأْنٌ يُغْنِيهِ } قال : شأن قد شغله عن صاحبه . وقوله : { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ } يقول تعالى ذكره : وجوه يومئذٍ مشرقة مضيئة ، وهي وجوه المؤمنين الذين قد رضي الله عنهم . يقال : أسفر وجه فلان : إذا حَسُن ، ومنه أسفر الصبح : إذا أضاء ، وكلّ مضيء فهو مُسْفِر وأما سَفَر بغير ألف ، فإنما يقال للمرأة إذا ألقت نقابها عن وجهها أو برقعها ، يقال : قد سَفَرت المرأة عن وجهها ، إذا فعلت ذلك ، فهي سافر ومنه قول تَوْبةَ بن الحُمَيِّر : @ وكُنْتُ إذا ما زُرْتُ لَيْلَى تَبرْقَعَتْ فَقَدْ رَابَنِي مِنْها الغَدَاةَ سُفُورُها @@ يعني بقوله « سفورُها » : إلقاءها برقعها عن وجهها . { ضَاحِكَةٌ } يقول : ضاحكة من السرور بما أعطاها الله من النعيم والكرامة { مُسْتَبْشِرَةٌ } لما ترجو من الزيادة . وبنحو الذي قلنا في معنى قوله { مُسْفِرَةٌ } قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { مُسْفِرَةٌ } يقول : مشرقة . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ } قال : هؤلاء أهل الجنة . وقوله : { وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبرَةٌ } يقول تعالى ذكره : ووجوه وهي وجوه الكفار يومئذٍ عليها غبرة . ذُكر أن البهائم التي يصيرها الله تراباً يومئذٍ بعد القضاء بينها ، يحوّل ذلك التراب غَبَرة في وجوه أهل الكفر { تَرْهَقُها قَترَةٌ } يقول : يغشى تلك الوجوه قَتَرة ، وهي الغَبَرة . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { تَرْهَقُها قَترَةٌ } يقول : تغشاها ذلة . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { تَرْهَقُها قَترَةٌ } قال : هذه وجوه أهل النار قال : والقَتَرة من الغَبَرة ، قال : وهما واحد قال : فأما في الدنيا فإن القترة : ما ارتفع ، فلحق بالسماء ، ورفعته الريح ، تسميه العرب القترة ، وما كان أسفل في الأرض فهو الغبرة . وقوله : { أُولَئِكَ هُمُ الكَفَرَةُ الفَجَرَةُ } يقول تعالى ذكره : هؤلاء الذين هذه صفتهم يوم القيامة هم الكفرة بالله ، كانوا في الدنيا الفجرة في دينهم ، لا يبالون ما أتوا به من معاصي الله ، وركبوا من محارمه ، فجزاهم الله بسوء أعمالهم ما أخبر به عباده .