Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 88, Ayat: 1-7)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : { هَلْ أتاكَ } يا محمد { حَدِيثُ الْغاشِيَةُ } يعني : قصتها وخبرها . واختلف أهل التأويل في معنى الغاشية ، فقال بعضهم : هي القيامة تغشى الناس بالأهوال . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس { الْغاشِيَةُ } من أسماء يوم القيامة ، عظَّمه الله ، وحذّره عباده . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { هَلْ أتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ } قال : الغاشية : الساعة . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، في قوله : { هَلْ أتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ } قال : الساعة . وقال آخرون : بل الغاشية : النار تغشَى وجوه الكَفَرة . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا ابن يمان ، عن أشعث ، عن سعيد ، في قوله : { هَلْ أتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ } قال : غاشية النار … والصواب من القول في ذلك : أن يقال : إن الله قال لنبيه صلى الله عليه وسلم : { هَلْ أتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ } ولم يخبرنا أنه عنى غاشية القيامة ، ولاأنه عنى غاشية النار ، وكلتاهما غاشية ، هذه تغشى الناس بالبلاء والأهوال والكروب ، وهذه تغشى الكفار باللفْح في الوجوه ، والشُّواظ والنُّحاس ، فلا قول في ذلك أصحّ من أن يقال كما قال جلّ ثناؤه ، ويعمّ الخبر بذلك كما عمه . وقوله : { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ } يقول تعالى ذكره : وجوه يومئذٍ ، وهي وجوه أهل الكفر به . خاشعة : يقول : ذليلة . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ } : أي ذليلة . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : { خاشِعَةٌ } قال : خاشعة في النار . وقوله : { عامِلةٌ } يعني : عاملة في النار . وقوله : { ناصِبَةٌ } يقول : ناصبة فيها . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس { عامِلَةٌ ناصِبَةٌ } فإنها تعمل وتَنصَب في النار . حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، قال : سمعت الحسن ، قرأ : { عامِلَةٌ ناصِبَةٌ } قال : لم تعمل لله في الدنيا ، فأعملها في النار . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { عامِلَةٌ ناصِبَةٌ } تَكَبَّرت في الدنيا عن طاعة الله ، فأعملها وأنصبها في النار . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : { عامِلَةٌ ناصِبَةٌ } قال : عاملة ناصبة في النار . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { عامِلَةٌ ناصِبَةٌ } قال : لا أحد أنصَبُ ولا أشدّ من أهل النار . وقوله : { تَصْلَى ناراً حامِيَةً } يقول تعالى ذكره : ترد هذه الوجوه ناراً حامية قد حَمِيت واشتدّ حرّها . واختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء الكوفة { تَصْلَى } بفتح التاء ، بمعنى : تَصْلَى الوجوه . وقرأ ذلك أبو عمرو : « تُصْلَى » بضم التاء اعتباراً بقوله : { تُسْقَى مِنْ عَينٍ آنِيَةٍ } ، والقول في ذلك أنهما قراءتان صحيحتا المعنى ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب . وقوله : { تُسْقَى مِنْ عَينٍ آنِيَةٍ } يقول : تُسْقَى أصحاب هذه الوجوه من شَراب عين قد أَنَى حرّها ، فبلغ غايته في شدّة الحرّ . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { تُسْقَى مِنْ عَينٍ آنِيَةٍ } قال : هي التي قد أطال أَنْيَها . حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن عُلَية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ، في قوله : { تُسْقَى مِنْ عَينٍ آنِيَةٍ } قال : أنىَ طبخها منذ يوم خلق الله الدنيا . حدثني به يعقوب مرّة أخرى ، فقال : منذ يوم خلق الله السموات والأرض . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : { مِنْ عَينٍ آنِيَةٍ } قال : قد بلغت إناها ، وحان شربها . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { تُسْقَى مِنْ عَينٍ آنِيَةٍ } يقول : قد أَنَى طبخها منذ خلق الله السموات والأرض . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الحسن ، في قوله : { مِنْ عَينٍ آنِيَةٍ } قال : من عين أَنَى حرّها : يقول : قد بلغ حرّها . وقال بعضهم : عُنِي بقوله : { مِنْ عَينٍ آنِيَةٍ } من عين حاضرة . ذكر من قال ذلك : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { تُسْقَى مِنْ عَينٍ آنِيَةٍ } قال : آنية : حاضرة . وقوله : { لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ } يقول : ليس لهؤلاء الذين هم أصحاب الخاشعة العاملة الناصبة يوم القيامة ، طعام إلا ما يطعمونه من ضرِيع . والضريع عند العرب : نبت يُقال له الشِّبْرِق ، وتسميه أهل الحجاز الضَّرِيع إذا يبس ، ويسميه غيرهم : الشِّبْرق ، وهو سمّ . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس { لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ } قال : الضريع : الشِّبْرق . حدثني محمد بن عُبيدة المحاربيّ ، قال : ثنا عباد بن يعقوب الأسديّ ، قال محمد : ثنا ، وقال عباد : أخبرنا محمد بن سليمان ، عن عبد الرحمن الأصبهانيّ ، عن عكرِمة في قوله : { لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ } قال : الشِّبرق . حدثني يعقوب ، قال : ثنا إسماعيل بن عُلَية ، عن أبي رجاء ، قال : ثني نجدة ، رجل من عبد القيس عن عكرِمة ، في قوله : { لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ } قال : هي شجرة ذات شوك ، لاطئة بالأرض ، فإذا كان الربيع سمَّتها قريش الشِّبرق ، فإذا هاج العود سمتها الضِّرِيع . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن ليث ، عن مجاهد { لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ } قال : الشبرق . حدثنا ابن حُميد ، قال : ثنا مِهران ، عن سفيان ، عن ليث ، عن مجاهد ، مثله . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { ضَرِيع } قال : الشِّبرق اليابس . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن مَعْمر ، عن قتادة { إلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ } قال : هو الشبرق إذا يبس يسمى الضريع . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إلاَّ مِنْ ضَرِيعِ } يقول : من شرّ الطعام ، وأبشعه وأخبثه . حدثني محمد بن عبيد ، قال : ثنا شريك بن عبد الله ، في قوله : { لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إلاَّ مِنْ ضرِيعٍ } قال : الشِّبرق . وقال آخرون : الضَّرِيع : الحجارة . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا ابن يمان ، عن جعفر ، عن سعيد ، في قوله : { لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ } قال : الحجارة . وقال آخرون : الضَّريع : شجر من نار . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ } يقول : شجر من نار . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ } قال : الضريع : الشَّوك من النار . قال : وأما في الدنيا فإن الضريع : الشوك اليابس الذي ليس له ورق ، تدعوه العرب الضريع ، وهو في الآخرة شوك من نار . وقوله : { لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ } يقول : لا يُسمن هذا الضريع يوم القيامة أَكَلَته من أهل النار ، { ولا يُغني من جُوعٍ } يقول : ولا يُشْبِعهم من جوع يصيبهم .