Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 88, Ayat: 8-16)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ } يعني : يوم القيامة { ناعِمَةٌ } يقول : هي ناعمة بتنعيم الله أهلها في جناته ، وهم أهل الإيمان بالله . وقوله : { لِسَعْيها رَاضِيَةٌ } يقول : لعملها الذي عملت في الدنيا من طاعة ربها راضية . وقيل : { لِسَعْيها رَاضِيَةٌ } والمعنى : لثواب سعيها في الآخرة راضية . وقوله : { فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ } وهي بستان . عالية : يعني رفيعة . وقوله : { لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً } يقول : لا تسمع هذه الوجوه ، المعنى لأهلها ، فيها في الجنة العالية لاغية . يعني باللاغية : كلمة لغو . واللَّغو : الباطل ، فقيل للكلمة التي هي لغو لاغية ، كما قيل لصاحب الدرع : دارع ، ولصاحب الفرس : فارس ، ولقائل الشعر شاعر وكما قال الحُطيئة : @ أغَرَرْتَنِي وَزَعَمْتَ أنَّ كَ لابِنٌ بالصَّيْفِ تامِرْ @@ يعني : صاحب لبن ، وصاحب تمر . وزعم بعض الكوفيين أن معنى ذلك : لا تسمع فيها حالفة على الكذب ، ولذلك قيل لاغية ولهذا الذي قاله مذهب ووجه ، لولا أن أهل التأويل من الصحابة والتابعين على خلافه ، وغير جائز لأحد خلافهم فيما كانوا عليه مجمعين . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً } يقول : لا تسمع أذًى ولا باطلاً . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً } قال : شتماً . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً } : لا تسمع فيها باطلاً ، ولا شاتماً . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن مَعْمَر ، عن قتادة ، مثله . واختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء الكوفة وبعض قرّاء المدينة وهو أبو جعفر { لا تسْمَعُ } بفتح التاء ، بمعنى : لا تسمع الوجوهُ . وقرأ ذلك ابن كثير ونافع وأبو عمرو : « لا تُسْمَعُ » بضم التاء ، بمعنى ما لم يسمّ فاعله ، ويؤنَّث تسمع ، لتأنيث لاغية . وقرأ ابن محيصن بالضم أيضاً ، غير أنه كان يقرؤها بالياء ، على وجه التذكير . والصواب من القول في ذلك عندي ، أن كلّ ذلك قراءات معروفات صحيحات المعاني ، فبأيّ ذلك قرأ القارىء فمصيب . وقوله : { فِيها عَينٌ جارِيَةٌ } يقول : في الجنة العالية عين جارية في غير أُخدود . وقوله : { فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ } والسرر : جمع سرير ، مرفوعة ليرى المؤمن إذا جلس عليها جميع ما خوّله ربه من النعيم والملك فيها ، ويلحق جميع ذلك بصره . وقيل : عُني بقول مرفوعة : موضونة . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : { فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ } يعني : موضونة ، كقوله : سُرر مصفوفة ، بعضها فوق بعض . وقوله : { وَأكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ } وهي جمع كوب ، وهي الأباريق التي لا آذان لها . وقد بيَّنا ذلك فيما مضى ، وذكرنا ما فيه من الرواية ، بما أغنى عن إعادته . وعُني بقوله : { مَوْضُوعَةٌ } : أنها موضوعة على حافة العين الجارية ، كلما أرادوا الشرب ، وجدوها ملأى من الشراب . وقوله : { وَنمارِقُ مَصْفُوفَةٌ } يعني بالنمارق : الوسائد والمرافق والنمارق : واحدها نُمْرُقة ، بضم النون . وقد حُكي عن بعض كلب سماعاً نِمْرِقة ، بكسر النون والراء . وقيل : مصفوفة لأن بعضها بجنب بعض . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { وَنمارِقُ مَصْفُوفَةٌ } يقول : المرافق . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { وَنمارِقُ مَصْفُوفَةٌ } يعني بالنمَّارق : المجالس . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { ونَمارِقُ مَصْفُوفَةٌ } والنمارق : الوسائد . وقوله : { وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ } يقول تعالى ذكره : وفيها طنافس وبُسط كثيرة مبثوثة مفروشة ، والواحدة : زِرْبية ، وهي الطَّنفسة التي لها خمل رقيق . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا أحمد بن منصور ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن سفيان ، قال : ثنا توبة العنبريّ ، عن عكرِمة بن خالد ، عن عبد الله بن عمار ، قال : رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يصلِّي على عَبْقَريّ ، وهو الزرابيّ . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ } : المبسوطة .