Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 12-12)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : فإن نقض هؤلاء المشركون الذين عاهدتموهم من قريش عهودهم من بعد ما عاقدوكم ، أن لا يقاتلوكم ولا يظاهروا عليكم أحداً من أعدائكم { وَطَعَنُوا فِي دينِكُمْ } يقول : وقدحوا في دينكم الإسلام ، فثلموه وعابوه . { فَقاتِلُوا أئمَّةَ الكُفْرِ } يقول : فقاتلوا رؤساء الكفر بالله . { إنَّهُمْ لا أيمَانَ لَهُمْ } يقول : إن رؤساء الكفر لا عهد لهم . { لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ } لكي ينتهوا عن الطعن في دينكم والمظاهرة عليكم . وبنحو ما قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل على اختلاف بينهم في المعنيين بأئمة الكفر ، فقال بعضهم : هم أبو جهل بن هشام ، وعتبة بن ربيعة ، وأبو سفيان بن حرب ونظراؤهم . وكان حذيفة يقول : لم يأت أهلها بعد . ذكر من قال هم من سمّيت : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { وَإنْ نَكَثُوا أيمَانَهُمْ مَنْ بَعْد عَهْدِهِمْ … } إلى : { لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ } يعني : أهل العهد من المشركين ، سماهم أئمة الكفر ، وهم كذلك . يقول الله لنبيه : وإن نكثوا العهد الذي بينك وبينهم فقاتل أئمة الكفر ، لأنهم لا أيمان لهم ، لعلهم ينتهون . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { وَإنْ نَكَثُوا أيمَانَهُمْ مَنْ بَعْد عَهْدِهِمْ … } إلى : { يَنْتَهُونَ } ، فكان من أئمة الكفر : أبو جهل بن هشام ، وأمية بن خلف ، وعتبة بن ربيعة ، وأبو سفيان ، وسهيل بن عمرو ، وهم الذين هموا بإخراجه . حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : أئمة الكفر : أبو سفيان ، وأبو جهل ، وأمية بن خلف ، وسهيل بن عمرو ، وعتبة بن ربيعة . حدثنا ابن وكيع وابن بشار ، قال ابن وكيع : ثنا غندر ، وقال ابن بشار : ثنا محمد بن جعفر ، عن شعبة ، عن أبي بشر ، عن مجاهد : { فَقاتِلُوا أئمَّةَ الكُفْرِ أنَّهُمْ لا أيمَانَ لَهُمْ } قال أبو سفيان منهم . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ : { وَإنْ نَكَثُوا أيمَانَهُمْ … } إلى : { يَنْتَهُونَ } هؤلاء قريش ، يقول : إن نكثوا عهدهم الذي عاهدوا على الإسلام وطعنوا فيه ، فقاتلوهم . حُدثت عن الحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبا معاذ ، قال : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { فَقاتِلُوا أئمَّةَ الكُفْرِ } يعني : رأس المشركين أهل مكة . حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله : { فَقاتِلُوا أئمَّةَ الكُفْرِ } أبو سفيان بن حرب ، وأمية بن خلف ، وعتبة بن ربيعة ، وأبو جهل بن هشام ، وسهيل بن عمرو ، وهم الذين نكثوا عهد الله وهمّوا بإخراج الرسول ، وليس والله كما تأوّله أهل الشبهات والبدع والفِرَي على الله وعلى كتابه . ذكر الرواية عن حذيفة بالذي ذكرنا عنه : حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن زيد بن وهب ، عن حذيفة : { فَقاتِلُوا أئمَّةَ الكُفْرِ } قال : ما قوتل أهل هذه الآية بعد . حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا حبيب بن حسان ، عن زيد بن وهب ، قال : كنت عند حذيفة ، فقرأ هذه الآية : { فَقاتِلُوا أئمَّةَ الكُفْرِ } فقال : ما قوتل أهل هذه الآية بعد . حدثني أبو السائب ، قال : ثنا الأعمش ، عن زيد بن وهب ، قال : قرأ حذيفة : { فَقاتِلُوا أئمَّةَ الكُفْرِ } قال : ما قوتل أهل هذه الآية بعد . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبي ، عن سفيان وإسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن صلة بن زفر : { إنَّهُمْ لا أيمَانَ لَهُمْ } لا عهد لهم . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، قوله : { وَإنْ نَكَثُوا أيمَانَهُمْ } قال : عهدهم . حدثنا محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ : { وَإنْ نَكَثُوا أيمَانَهُمْ } عهدهم الذي عاهدوا على الإسلام . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن صلة ، عن عمار بن ياسر ، في قوله : { لا أيمَانَ لَهُمْ } قال : لا عهد لهم . حدثني محمد بن عبيد المحاربي ، قال : ثنا أبو الأحوص ، عن أبي إسحاق ، عن صلة بن زفر ، عن حذيفة في قوله : { فَقاتِلُوا أئمَّةَ الكُفْرِ إنَّهُمْ لا أيمَانَ لَهُمْ } قال : لا عهد لهم . وأما النكث فإن أصله : النقض ، يقال منه : نكث فلان قوي حبله إذا نقضها ، والأيمان : جمع اليمين . واختلفت القرّاء في قراءة قوله : { إنَّهُمْ لا أيمَانَ لَهُمْ } فقرأه قرّاء الحجاز والعراق وغيرهم : { إنَّهُمْ لا أيمَانَ لَهُمْ } بفتح الألف من « أيمان » بمعنى : لا عهود لهم على ما قد ذكرنا من قول أهل التأويل فيه . وذُكر عن الحسن البصريّ أنه كان يقرأ ذلك : « إنَّهُمْ لا إيمَانَ لَهُمْ » بكسر الألف ، بمعنى : لا إسلام لهم . وقد يتوجه لقراءته كذلك وجه غير هذا ، وذلك أن يكون أراد بقراءته ذلك كذلك : أنهم لا أمان لهم : أي لا تؤمنوهم ، ولكن اقتلوهم حيث وجدتموهم ، كأنه أراد المصدر من قول القائل : آمنته ، فأنا أومنه إيماناً . قال أبو جعفر : والصواب من القراءات في ذلك الذي لا أستجيز القراءة بغيره ، قراءة من قرأ بفتح الألف دون كسرها ، لإجماع الحجة من القراء على القراءة به ورفض خلافه ، ولإجماع أهل التأويل على ما ذكرت من أن تأويله لا عهد لهم . والأيمان التي هي بمعنى العهد ، لا تكون إلا بفتح الألف ، لأنها جمع « يمين » كانت على عقدٍ كان بين المتوادعين .