Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 16-16)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره للمؤمنين الذين أمرهم بقتال هؤلاء المشركين ، الذين نقضوا عهدهم الذي بينهم وبينه بقوله : { قاتِلوُهُمْ يُعْذّبْهُمُ اللَّهُ بأيْديكُمْ … } الآية ، حاضًّا على جهادهم : أم حسبتم أيها المؤمنون أن يترككم الله بغير محنة يمتحنكم بها وبغير اختبار يختبركم به ، فيعرف الصادق منكم في دينه من الكاذب فيه . { وَلمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا } يقول : أحسبتم أن تتركوا بغير اختبار يعرف به أهل ولايته المجاهدين منكم في سبيله ، من المضيعين أمر الله في ذلك المفرِّطين . { ولَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُون اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ } يقول : ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ، والذين لم يتخذوا من دون الله ولا من دون رسوله ، ولا من دون المؤمنين { وَلِيجَةً } هو الشيء يدخل في آخر غيره ، يقال منه : ولج فلان في كذا يَلِجُهُ فهو وليجة . وإنما عنى بها في هذا الموضع : البطانة من المشركين ، نهى الله المؤمنين أن يتخذوا من عدوّهم من المشركين أولياء يفشون إليهم أسرارهم . { وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } يقول : والله ذو خبرة بما تعملون من اتخاذكم من دون الله ودون رسوله والمؤمنين به أولياء وبطانة بعد ما قد نهاكم عنه ، لا يخفى ذلك عليه ولا غيره من أعمالكم ، والله مجازيكم على ذلك إن خيراً فخيراً وإن شرّاً فشرّاً . وبنحو الذي قلت في معنى الوليجة قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن المفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ : { وَلا المُؤمِنِينَ وَلِيجَةَ } يتولجها من الولاية للمشركين . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، عن أبي جعفر ، عن الربيع : { وَلِيجَةً } قال : دَخَلاً . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { أمْ حَسِبْتُمْ أنْ تُتْرَكُوا } إلى قوله : { ولِيَجَةً } قال : أبي أن يعدهم دون التمحيص ، وقرأ : { أمْ حَسِبْتُمْ أنْ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ } وقرأ : { أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جهدوا منكم } { أم حسبتم أن تدخلوا الجنة وَلمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ … } الآيات كلها ، أخبرهم أن لا يتركهم حتى يمحصهم ويختبرهم ، وقرأ : { الم أحَسِبَ النَّاسُ أنْ يُتْرَكُوا أنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ } لا يختبرون { وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلْيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلْيَعْلَمَنَّ الكاذِبِينَ } أبى الله إلا أن يمحص . حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن الحسن : { وَلِيجَةً } قال : هو الكفر والنفاق ، أو قال أحدهما . وقيل : { أمْ حَسِبْتُمْ } ولم يقل : « أحسبتم » ، لأنه من الاستفهام المعترض في وسط الكلام ، فأدخلت فيه « أم » ليفرق بينه وبين الاستفهام المبتدأ وقد بيَّنت نظائر ذلك في غير موضع من الكتاب .