Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 74-74)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اختلف أهل التأويل في الذي نزلت فيه هذه الآية ، والقول الذي كان قاله ، الذي أخبر الله عنه أنه يحلف بالله ما قاله . فقال بعضهم : الذي نزلت فيه هذه الآية : الجُلاس بن سويد بن الصامت . وكان القول الذي قاله ما : حدثنا به ابن وكيع ، قال : ثنا معاوية ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه : { يَحْلِفُونَ باللَّهِ ما قَالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الكُفْرِ } قال : نزلت في الجلاس بن سويد بن الصامت ، قال : إن كان ما جاء به محمد حقًّا ، لنحن أشرّ من الحمير فقال له ابن امرأته : والله يا عدوّ الله ، لأخبرنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قلت ، فإني إن لا أفعل أخاف أن تصيبني قارعة وأؤاخذ بخطيئتك فدعا النبي صلى الله عليه وسلم الجلاس ، فقال : " يا جلاس أقلت كذا وكذا ؟ " فحلف ما قال ، فأنزل الله تبارك وتعالى : { يَحْلِفُونَ باللَّهِ ما قَالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الكُفْرِ وكَفَرُوا بَعْدَ إسْلاَمِهِمْ وهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا ومَا نَقَمُوا إلا أنْ أغْناهُمُ اللَّهُ ورَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ } . حدثني المثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا أبو معاوية الضرير ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، قال : نزلت هذه الآية : { يَحْلِفُونَ باللَّهِ ما قَالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الكُفْرِ وكَفَرُوا بَعْدَ إسْلاَمِهِمْ } في الجلاس بن سويد بن الصامت ، أقبل هو وابن امرأته مصعب من قباء ، فقال الجلاس : إن كان ما جاء به محمد حقًّا ، لنحن أشرّ من حميرنا هذه التي نحن عليها فقال مصعب : أما والله يا عدوّ الله لأخبرنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قلت فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، وخشيت أن ينزل في القرآن أو تصيبني قارعة أو أن أخلط ، قلت : يا رسول الله أقبلت أنا والجلاس من قباء ، فقال كذا وكذا ، ولولا مخافة أن أؤاخذ بخطيئة أو تصيبني قارعة ما أخبرتك قال : فدعا الجلاس ، فقال له : " يا جلاسُ أقُلْت الَّذِي قالَ مُصْعَبُ ؟ " قال : فحلف ، فأنزل الله تبارك وتعالى : { يَحْلِفُونَ باللَّهِ ما قَالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الكُفْرِ وكَفَرُوا بَعْدَ إسْلاَمِهِمْ … } الآية . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : كان الذي قال تلك المقالة فيما بلغني الجلاس بن سويد بن الصامت ، فرفعها عنه رجل كان في حجره يقال له عمير بن سعيد ، فأنكر ، فحلف بالله ما قالها فلما نزل فيه القرآن تاب ونزع وحسنت توبته فيما بلغني . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد { كَلِمَةَ الكُفْرِ } قال أحدهم : لئن كان ما يقول محمد حقًّا لنحن شرّ من الحمير فقال له رجل من المؤمنين : إن ما قال لحقّ ولأنت شرّ من حمار قال : فهمّ المنافقون بقتله ، فذلك قوله : { وهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا } . حدثني المثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، بنحوه . قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله . حدثني أيوب بن إسحاق بن إبراهيم ، قال : ثنا عبد الله بن رجاء ، قال : ثنا إسرائيل ، عن سماك ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً في ظلّ شجرة ، فقال : " إنَّهُ سَيَأْتِيكُمْ إنْسانٌ فَيَنْظُرُ إلَيْكُمْ بِعَيْنَي شَيْطَانٍ ، فإذا جاءَ فَلا تُكَلِّمُوهُ فلم يلبث أن طلع رجل أزرق ، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : « عَلاَمَ تَشْتُمُني أنْتَ وأصْحَابُكَ ؟ " فانطلق الرجل فجاء بأصحابه ، فحلفوا بالله ما قالوا وما فعلوا حتى تجاوز عنهم ، فأنزل الله : { يَحْلِفُونَ باللَّهِ ما قَالُوا } ثم نعتهم جميعاً ، إلى آخر الآية . وقال آخرون : بل نزلت في عبد الله بن أُبيّ بن سلولَ ، قالوا : والكلمة التي قالها ما : حدثنا به بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { يَحْلِفُونَ باللَّهِ ما قَالُوا … } إلى قوله : { مِنْ وَلِيّ وَلا نَصِيرٍ } قال : ذكر لنا أن رجلين اقتتلا ، أحدهما من جهينة والآخر من غفار ، وكانت جهينة حلفاء الأنصار . وظهر الغفاريّ على الجهني ، فقال عبد الله ابن أبيّ للأوس : انصروا أخاكم ، فوالله ما مَثَلُنا ومَثَلُ محمد إلا كما قال القائل : سمن كلبك يأكلك وقال : لَئِنْ رَجعْنَا إلى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنّ الأعَزّ مِنْها الأذَلّ ، فسعى بها رجل من المسلمين إلى نبيّ الله صلى الله عليه وسلم . فأرسل إليه فسأله ، فجعل يحلف بالله ما قاله ، فأنزل الله تبارك وتعالى : { يَحْلِفُونَ باللَّهِ ما قَالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الكُفْرِ } . حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : { يَحْلِفُونَ باللَّهِ ما قَالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الكُفْرِ } قال : نزلت في عبد الله بن أبيّ بن سلولَ . قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال : إن الله تعالى أخبر عن المنافقين أنهم يحلفون بالله كذباً على كلمة كفر تكلموا بها أنهم لم يقولوها . وجائز أن يكون ذلك القول ما رُوي عن عروة أن الجلاس قاله ، وجائز أن يكون قائله عبد الله بن أبي بن سلول . والقول ما ذكره قتادة عنه أنه قال ولا علم لنا بأن ذلك من أيّ ، إذ كان لا خبر بأحدهما يوجب الحجة ويتوصل به إلى يقين العلم به ، وليس مما يُدرك علمه بفطرة العقل ، فالصواب أن يقال فيه كما قال الله جلّ ثناؤه : { يَحْلِفُونَ باللَّهِ ما قَالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الكُفْرِ وكَفَرُوا بَعْدَ إسْلاَمِهِمْ } . وأما قوله : { وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا } فإن أهل التأويل اختلفوا في الذي كان همّ بذلك وما الشيء الذي كان همّ به . فقال بعضهم : هو رجل من المنافقين ، وكان الذي همّ به قَتْلَ ابن امرأته الذي سمع منه ما قال وخشي أن يفشيه عليه . ذكر من قال ذلك : حدثني المثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : همّ المنافق بقتله ، يعني قتل المؤمن الذي قال له أنت شرّ من الحمار . فذلك قوله : { وهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا } . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد به وقال آخرون : كان الذي همّ رجلاً من قريش ، والذي همّ به قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم . ذكر من قال ذلك : حدثني الحرث ، قال : ثنا عبد العزيز ، قال : ثنا شبل ، عن جابر ، عن مجاهد ، في قوله : { وَهَمّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا } قال : رجل من قريش همّ بقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له الأسود . وقال آخرون : الذي همّ عبد الله بن أبيّ بن سلولَ ، وكان همه الذي لم ينله قوله : { لَئِنْ رَجعْنَا إلى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنّ الأعَزّ مِنْها الأذَلّ } من قول قتادة وقد ذكرناه . وقوله : { ومَا نَقَمُوا إلاَّ أنْ أغْناهُمُ اللَّهُ ورَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ } ذكر لنا أن المنافق الذي ذكر الله عنه أنه قال كلمة الكفر كان فقيرا ، فأغناه الله بأن قتل له مولى ، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ديته . فلما قال ما قال ، قال الله تعالى : { ومَا نَقَمُوا } يقول : ما أنكروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ، { إلاَّ أنْ أغْناهُمُ اللَّهُ ورَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ } . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه : { ومَا نَقَمُوا إلا أنْ أغْناهُمُ اللَّهُ ورَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ } وكان الجلاس قتل له مولى له ، فأمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بديته ، فاستغنى ، فذلك قوله : { ومَا نَقَمُوا إلا أنْ أغْناهُمُ اللَّهُ ورَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ } . قال : ثنا ابن عيينة ، عن عمرو ، عن عكرمة ، قال : قضى النبي صلى الله عليه وسلم بالدية اثني عشر ألفاً في مولى لبني عيينة ، عن عمرو ، عن عكرمة ، قال : قضى النبيّ صلى الله عليه وسلم بالدية اثنى عشر ألفاً في مولى لبني عديّ بن كعب ، وفيه أنزلت هذه الآية : { ومَا نَقَمُوا إلاَّ أنْ أغْناهُمُ اللَّهُ ورَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ } . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { ومَا نَقَمُوا إلاَّ أنْ أغْناهُمُ اللَّهُ ورَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ } قال : كانت لعبد الله بن أبي دية ، فأخرجها رسول الله صلى الله عليه وسلم له . حدثني المثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا عبد الله بن الزبير ، عن سفيان ، قال : ثنا عمرو ، قال : سمعت عكرمة : أن مولى لبني عديّ بن كعب قتل رجلاً من الأنصار ، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدية اثني عشر ألفاً ، وفيه أنزلت : { ومَا نَقَمُوا إلا أنْ أغْناهُمُ اللَّهُ ورَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ } قال عمرو : لم أسمع هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من عكرمة ، يعني الدية اثني عشر ألفا . حدثنا صالح بن مسمار ، قال : ثنا محمد بن سنان العوفي ، قال : ثنا محمد بن مسلم الطائفي ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، مولى ابن عباس ، عن ابن عباس : أن النبيّ صلى الله عليه وسلم جعل الدية اثني عشر ألفا ، فذلك قوله : { ومَا نَقَمُوا إلا أنْ أغْناهُمُ اللَّهُ ورَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ } قال : بأخذ الدية . وأما قوله : { فإنْ يَتُوبُوا يَكَ خَيْراً لَهُمْ } يقول تعالى ذكره : فإن يتب هؤلاء القائلون كلمة الكفر من قيلهم الذي قالوه فرجعوا عنه ، يك رجوعهم وتوبتهم من ذلك خيراً لهم من النفاق . { وإنْ يَتَوَلَّوْا } يقول : وإن يدبروا عن التوبة فيأبوها ، ويصرّوا على كفرهم { يُعَذّبْهُمُ اللَّهُ عَذَاباً ألِيماً } يقول : يعذّبهم عذاباً موجعاً في الدنيا ، إما بالقتل ، وإما بعاجل خزي لهم فيها ، ويعذّبهم في الآخرة بالنار . وقوله : { ومَا لَهُمْ فِي الأرْضِ من وَلِيّ وَلا نَصِيرٍ } يقول : وما لهؤلاء المنافقين إن عذّبهم الله في عاجل الدنيا ، من وليّ يواليه على منعه من عقاب الله ، ولا نصير ينصره من الله ، فينقذه من عقابه وقد كانوا أهل عزّ ومنعة بعشائرهم وقومهم يمتنعون بهم ممن أرادهم بسوء ، فأخبر جلّ ثناؤه أن الذين كانوا يمنعونهم ممن أرادهم بسوء من عشائرهم وحلفائهم ، لا يمنعونهم من الله ولا ينصرونهم منه إذ احتاجوا إلى نصرهم . وذُكر أن الذي نزلت فيه هذه الآية تاب مما كان عليه من النفاق . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه : { فإنْ يَتُوبُوا يكُ خَيْرا لَهُمْ } قال : قال الجلاس : قد استثنى الله لي التوبة ، فأنا أتوب فقبل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم . حدثني المثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه : { فإنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ … } الآية ، فقال الجلاس : يا رسول الله إني أرى الله قد استثنى لي التوبة ، فأنا أتوب فتاب ، فقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم منه .