Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 90, Ayat: 8-16)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : ألم نجعل لهذا القائل { أهْلَكْتُ مالاً لُبَداً } عينين يبصر بهما حُجَج الله عليه ، ولساناً يعبر به عن نفسه ما أراد ، وشفتين ، نعمة منا بذلك عليه . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ وَلِساناً وَشَفَتَيْنِ } نِعَم من الله متظاهرة ، يقررك بها كيماً تشكره . وقوله : { وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ } يقول تعالى ذكره : وهديناه الطريقين ، ونجد : طريق في ارتفاع . واختلف أهل التأويل في معنى ذلك ، فقال بعضهم : عُنِي بذلك : نَجْد الخير ، ونَجْد الشرّ ، كما قال : { إنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إمَّا شاكِراً وإمَّا كَفُوراً } ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن عاصم ، عن زرّ ، عن عبد الله { وهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ } قال : الخير والشرّ . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن عاصم ، عن زرّ ، عن عبد الله ، مثله . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن ابن منذر ، عن أبيه ، عن الربيع بن خثيم ، قال : ليسا بالثديين . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان وحدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، قال : ثنا عمران جميعاً ، عن عاصم ، عن زِرّ ، عن عبد الله { وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ } قال : نجد الخير ، ونجد الشرّ . حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا هشام بن عبد الملك ، قال : ثنا شعبة ، قال : أخبرني عاصم ، قال : سمعت أبا وائل يقول : كان عبد الله يقول في : { وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ } قال : نجد الخير ، ونجد الشرّ . حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ } يقول : الهدى والضلالة . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس { وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ } يقول : سبيل الخير والشرّ . حدثنا هناد بن السريّ ، قال : ثنا أبو الأحوص ، عن سماك ، عن عكرمة ، في قوله : { وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ } قال : الخير والشرّ . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن عبد الله بن الربيع بن خثيم ، عن أبي بُردة ، قال : مرّ بنا الربيع بن خثيم ، فسألناه عن هذه الآية : { وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ } فقال : أما إنهما ليسا بالثديين . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، قال : الخير والشرّ . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ } قال : سبيل الخير والشرّ . حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْن } نجد الخير ، ونجد الشرّ . حدثنا عمران بن موسى ، قال : ثنا عبد الوارث ، قال : ثنا يونس ، عن الحسن ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هُمَا نَجْدَانِ : نَجْدُ خَيْرٍ ، وَنجْدُ شَرَ ، فَمَا جَعَلَ نَجْدَ الشَّرِّ أحَبَّ إلَيْكُمْ مِنْ نَجْدِ الخَيْرِ " ؟ . حدثنا مجاهد بن موسى ، قال : ثنا يزيد بن هارون ، قال : أخبرنا عطية أبو وهب ، قال : سمعت الحسن يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا إنَّمَا هُمَا نَجْدَانِ : نَجْدُ الخَيْرِ ، وَنَجْدُ الشَّرَ ، فَمَا يَجْعَلُ نَجْدَ الشَّرِّ أحَبَّ إلَيْكُمْ مِنْ نَجْدِ الخَيْرِ ؟ " حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا عبد الملك ، قال : ثنا شعبة ، عن حبيب ، عن الحسن ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ، نحوه . حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن عُلَية ، عن أبي رجاء ، قال : سمعت الحسن يقول { وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ } قال : ذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " يا أيُّها النَّاسُ إنَّمَا هُمَا النَّجْدَانِ : نَجْدُ الخَيْرِ ، وَنَجْدُ الشَّرِّ ، فَمَا جَعَلَ نَجْدَ الشَّرِّ أحَبَّ إلَيْكُمْ مِنْ نَجْدِ الخَيْرِ " حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ } : ذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " أيُّها النَّاسُ إنَّمَا هُمَا النَّجْدَانِ ، نَجْدُ الخَيْرِ ، وَنَجْدُ الشَّرِّ ، فَمَا جَعَلَ نَجْدَ الشَّرِّ أحَبُّ إلَيْكُمْ مِنْ نَجْدِ الخَيْرِ ؟ " حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الحسن ، في قوله : { وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ } قال : قال النبيّ صلى الله عليه وسلم : " إنَّمَا هُمَا نَجْدَانِ ، فَمَا جَعَلَ نَجْدَ الشَّرّ أحَبُّ إلَيْكُمْ مِنْ نَجْدِ الخَيْرِ ؟ " حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قول الله : { وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ } قاطع طريق الخير والشرّ . وقرأ قول الله : إنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ . وقال آخرون : بل معنى ذلك : وهديناه الثَّديين : سبيلي اللبن الذي يتغذّى به ، وينبت عليه لحمه وجسمه . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا وكيع ، قال : ثنا عيسى بن عقال ، عن أبيه ، عن ابن عباس { وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ } قال : هما الثديان . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن المبارك بن مجاهد ، عن جُويبر ، عن الضحاك ، قال : الثديان . وأولى القولين بالصواب في ذلك عندنا : قول من قال : عُنِي بذلك طريق الخير والشرّ ، وذلك أنه لا قول في ذلك نعلمه غير القولين اللذين ذكرنا والثديان ، وإن كانا سبيلي اللبن ، فإن الله تعالى ذكْره إذ عدّد على العبد نِعَمه بقوله : { إنَّا خَلَقْنا الإنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً إنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ } إنما عدّد عليه هدايته إياه إلى سبيل الخير من نِعمه ، فكذلك قوله : { وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْن } . وقوله : { فَلا اقْتَحَم الْعَقَبَةَ } يقول تعالى ذكره : فلم يركب العقبة ، فيقطعها ويجوزها . وذُكر أن العقبة : جبل في جهنم . ذكر من قال ذلك : حدثنا محمد بن المثنى ، قال : ثنا يحيى بن كثير ، قال : ثنا شعبة ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ، في قول الله : { فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ } قال : عَقَبة في جهنم . حدثني عمر بن إسماعيل بن مجالد ، قال : ثنا عبد الله بن إدريس ، عن أبيه ، عن عطية ، عن ابن عمر ، في قوله : { فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ } جبل من جهنم . حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن عُلَّية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ، في قوله : { فَلا اقْتَحَمَ العَقَبَةَ } قال : جهنم . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ } إنها قحمة شديدة ، فاقتحموها بطاعة الله . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ } قال : للنار عقبة دون الجسر . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا وهب بن جرير ، قال : ثنا أبي ، قال : سمعت يحيى بن أيوب يحدّث عن يزيد بن أبي حبيب ، عن شعيب بن زُرْعة ، عن حنش ، عن كعب ، أنه قال : { فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ } قال : هو سبعون درجة في جهنم . وأفرد قوله : { فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ } بذكر « لا » مرّة واحدة ، والعرب لا تكاد تفردها في كلام في مثل هذا الموضع ، حتى يكرّروها مع كلام آخر ، كما قال : { فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى } { وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ } وإنما فعل ذلك كذلك في هذا الموضع ، استغناء بدلالة آخر الكلام على معناه ، من إعادتها مرّة أخرى ، وذلك قوله إذ فسَّر اقتحام العقبة ، فقال : { فَكُّ رَقَبَةٍ أوْ إطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ أوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ } ثم كان من الذين آمنوا ، ففسر ذلك بأشياء ثلاثة ، فكان كأنه في أوّل الكلام ، قال : فلا فَعَلَ ذا ولا ذا ولا ذا . وتأوّل ذلك ابن زيد ، بمعنى : أفلا ، ومن تأوّله كذلك ، لم يكن به حاجة إلى أن يزعم أن في الكلام متروكاً . ذكر الخبر بذلك عن ابن زيد : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، وقرأ قول الله : { فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ } قال : أفلا سلك الطريق التي منها النجاة والخير ، ثم قال : { وَما أدْرَاكَ ما الْعَقَبَةُ } ؟ . وقوله : { وَما أدْرَاكَ ما الْعَقَبَةُ ؟ } يقول تعالى ذكره : وأيّ شيء أشعرك يا محمد ما العقبة ؟ . ثم بين جلّ ثناؤه له ، ما العقبة ، وما النجاة منها ، وما وجه اقتحامها ؟ فقال : اقتحامها وقطعها فكّ رقبة من الرقّ ، وأسر العبودة ، كما : حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن عُلَّية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن { وَما أدْرَاكَ ما الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ } قال : ذُكر لنا أنه ليس مسلم يعتق رقبة مسلمة ، إلا كانت فداءه من النار . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَما أدْرَاكَ ما الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ } ذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم سُئل عن الرقاب أيها أعظم أجراً ؟ قال : « أكثرها ثمناً » . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : ثنا سالم بن أبي الجعد ، عن مَعْدان بن أبي طلحة ، عن أبي نجيح ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " أيُّمَا مُسْلِم أعْتَقَ رَجُلاً مُسْلماً ، فإنَّ اللّهَ جاعِلُ وَفاءَ كُلِّ عَظْيمٍ مِنْ عِظامِهِ ، عَظْماً مِنْ عِظامِ مُحَرِّرهِ مِنَ النَّارِ وأيُّمَا امْرأةٍ مُسْلَمَةٍ أعْتَقَتْ امْرأةً مُسْلِمَةً ، فإنَّ اللّهَ جاعِلُ وَفاءَ كُلِّ عَظْمٍ مِنْ عِظامِها ، عَظْماً مِنْ عِظامِ مُحَرِّرِها مِنَ النَّارِ " قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، عن قيس الجُذاميّ ، عن عقبة بن عامر الجُهَنيّ ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " مَنْ أعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً ، فَهِيَ فِدَاؤُهُ مِنَ النَّارِ " حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { وَما أدْرَاكَ ما الْعَقَبَةُ } ثم أخبر عن اقتحامها فقال : فَكَّ رَقَبَة أوْ أطْعَمَ . واختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأه بعض قرّاء مكة وعامة قرّاء البصرة ، عن ابن أبي إسحاق ، ومن الكوفيين : الكسائي : « فَكُّ رَقَبَةٍ أوْ أطْعَمَ » . وكان أبو عمرو بن العلاء يحتجّ فيما بلغني فيه بقوله : ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا كأن معناه : كان عنده ، فلا فكّ رقبة ، ولا أطعم ، ثم كان من الذين آمنوا . وقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والكوفة والشأم { فَكُّ رَقَبَةٍ } على الإضافة { أوْ إطْعامٌ } على وجه المصدر . والصواب من القول في ذلك : أنهما قراءتان معروفتان ، قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القرّاء ، وتأويل مفهوم ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب . فقراءته إذا قرىء على وجه الفعل تأويله : فلا اقتحم العقبة ، لا فكّ رقبة ، ولا أطعم ، ثم كان من الذين آمنوا ، { وَما أدْرَاكَ ما الْعَقَبَةُ } على التعجب والتعظيم . وهذه القراءة أحسن مخرجاً في العربية ، لأن الإطعام اسم ، وقوله : { ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا } فعل ، والعرب تُؤْثِر ردّ الأسماء على الأسماء مثلها ، والأفعال على الأفعال ، ولو كان مجيء التَّنزيل ثم إن كان من الذين آمنوا ، كان أحسن ، وأشبه بالإطعام والفكّ من ثم كان ، ولذلك قلت : « فَكُّ رَقَبَةٍ أوْ أطْعَمَ » أوجه في العربية من الآخر ، وإن كان للآخر وجه معروف ، ووجهه { أنْ } تضمر أن ثم تلقى ، كما قال طرفة بن العبد : @ ألا أيُّهاذا الزَّاجري أحْضُرَ الْوَغَى وأنْ أشْهَدَ اللَّذَّاتِ هَلْ أنتَ مُخْلِدي @@ بمعنى : ألا أيهاذا الزاجري أن أحضر الوغى . وفي قوله : « أن » أشهد الدلالة البينة على أنها معطوفة على أن أخرى مثلها ، قد تقدّمت قبلها ، فذلك وجه جوازه . وإذا وُجِّه الكلام إلى هذا الوجه كان قوله : { فَكُّ رَقَبَةٍ أوْ إطْعامٌ } تفسيراً لقوله : { وَما أدْرَاكَ ما الْعَقَبَةُ } كأنه قيل : وما أدراك ما العقبة ؟ هي فكّ رقبة { أوْ إطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ } كما قال جلّ ثناؤه : { وَما أدْرَاكَ ماهِيَهْ } ، ثم قال : { نارٌ حامِيَةٌ } مفسراً لقوله : { فأُمُّهُ هاوِيَةٌ } ، ثم قال : وما أدراك ما الهاوية ؟ هي نار حامية . وقوله : « أوْ أطْعَمَ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ » يقول : أو أطَعَمَ في يوم ذي مجاعة ، والساغب : الجائع . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس « أوْ أطْعَمَ فِي يَوْم ذِي مَسْغَبَةٍ » : يوم مجاعة . حدثنا الحسن بن عرفة ، قال : ثني خالد بن حيان الرقي أبو يزيد ، عن جعفر بن برقان ، عن عكرِمة في قول الله : « أوْ أطْعَمَ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ » قال : ذي مجاعة . حدثني محمد بن عمر ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : { فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ } قال : الجوع . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : « أوْ أطْعَمَ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ » يقول : يوم يُشْتَهَى فيه الطعام . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن عثمان الثقفيّ ، عن مجاهد ، عن ابن عباس { فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ } قال : مجاعة . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن عثمان بن المُغيرة ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، مثله . حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ } قال : مجاعة . وقوله : { يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ } يقول : أو أطْعَمَ في يوم مجاعة صغيراً لا أب له من قرابته ، وهو اليتيم ذو المقربَة وعُنِي بذي المقربة : ذا القرابة ، كما : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : { يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ } قال : ذا قرابة . وقوله : { أوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ } اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : { ذَا مَتْرَبَةٍ } فقال بعضهم : عُنِي بذلك : ذو اللصوق بالتراب . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا ابن أبي عديّ ، عن شعبة ، قال : أخبرني المُغيرة ، عن مجاهد ، عن ابن عباس { أوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ } قال : الذي ليس له مأوى إلا التراب . حدثنا مُطَرِّف بن محمد الضبي ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا شعبة ، عن المغيرة ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، مثله . حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا ابن أبي عديّ ، عن شعبة ، عن حُصين ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، في قول الله : { أوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ } قال : الذي لا يُواريه إلا التراب . حدثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة ، قال : ثنا أبو عاصم ، عن شعبة ، عن المُغيرة ، عن مجاهد ، عن ابن عباس { ذَا مَتْرَبَةٍ } قال : الذي ليس له مَأوى إلا التراب . حدثنا ابن حميد ، قال : ثني جرير ، عن مغيرة ، عن مجاهد ، عن ابن عباس { مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ } قال : الذي ليس له مَأوًى إلا التراب . قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، في قوله : { أوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ } قال : المسكين المطروح في التراب . حدثني أبو حصين قال : ثنا عبد الله بن أحمد بن يونس ، قال : ثنا عَبْثَر ، عن حصين ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قوله : { أوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ } قال : الذي لا يقيه من التراب شيء . حدثني يعقوب ، قال : ثنا هشيم ، قال : ثنا حصين والمغيرة كلاهما ، عن مجاهد ، عن ابن عباس أنه قال في قوله : { أوْ مِسْكيناً ذَا مَتْرَبَةٍ } قال : هو اللازق بالتراب من شدّة الفقر . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، عن عمرو بن أبي قيس ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن ابن عباس { أوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ } قال : التراب الملقى على الطريق على الكُناسة . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا طَلْق بن غنام ، عن زائدة ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن ابن عباس { أوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ } قال : هو المسكين الملقى بالطريق بالتراب . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن الحصين ، عن مجاهد { أوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ } قال : المطروح في الأرض ، الذي لا يقيه شيء دون التراب . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن حصين ، عن مجاهد ، عن ابن عباس { أوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ } قال : هو المُلزق بالأرض ، لا يقيه شيء من التراب . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن حصين وعثمان بن المُغيرة ، عن مجاهد عن ابن عباس { أوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ } قال الذي ليس له شيء يقيه من التراب . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { ذَا مَتْرَبَةٍ } قال : ساقط في التراب . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا وكيع ، عن جعفر بن برقان ، قال : سمع عكرمة { أوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبةٍ } قال : الملتزق بالأرض من الحاجة . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن عكرِمة ، في قوله : { أوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبةٍ } قال : التراب اللاصق بالأرض . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن عثمان بن المُغيرة ، عن سعيد بن جُبير ، عن ابن عباس ، قال : المُلقى في الطريق الذي ليس له بيت إلا التراب . وقال آخرون : بل هو المحتاج ، كان لاصقاً بالتراب ، أو غير لاصق وقالوا : إنما هو من قولهم : تَرِب الرجل : إذا افتقر . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله : { أوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ } يقول : شديد الحاجة . حدثنا هناد بن السريّ ، قال : ثنا أبو الأحوص ، عن حصين ، عن عكرِمة ، في قوله : { أوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ } قال : هو المحارَف الذي لا مال له . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { أوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ } قال : ذا حاجة ، الترب : المحتاج . وقال آخرون : بل هو ذو العيال الكثير الذين قد لصقوا بالتراب من الضرّ وشدّة الحاجة . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس { أوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ } يقول : مسكين ذو بنين وعِيال ، ليس بينك وبينه قرابة . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا ابن يمان ، عن أشعث ، عن جعفر بن أبي المُغيرة ، عن سعيد بن جُبير ، في قوله : { أوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ } قال : ذا عِيال . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { أوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ } كنا نحدّث أن الترب هو ذو العيال الذي لا شيء له . حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { أوْ مسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ } ذا عيال لاصقين بالأرض ، من المسكنة والجهد . وأولى الأقوال في ذلك بالصحة قول من قال : عُنِي به : أو مسكيناً قد لصق بالتراب من الفقر والحاجة ، لأن ذلك هو الظاهر من معانيه . وأن قوله : { مَتْرَبَةٍ } إنما هي « مَفْعَلة » من تَرِب الرجل : إذا أصابه التراب .