Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 95, Ayat: 7-8)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : { فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ } فقال بعضهم معناه : فمن يكذّبك يا محمد بعد هذه الحجج التي احتججنا بها ، بالدين ، يعني : بطاعة الله ، وما بعثك به من الحقّ ، وأن الله يبعث من في القبور ؟ قالوا : « ما » في معنى « مَنْ » ، لأنه عُني به ابن آدم ، ومن بعث إليه النبيّ صلى الله عليه وسلم . وقال آخرون : بل معنى ذلك : فما يكذّبك أيها الإنسان بعد هذه الحجج بالدين . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، قال : قلت لمجاهد : { فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ } عُني به النبيّ صلى الله عليه وسلم ؟ قال : مَعاذ الله عُني به الإنسان . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عمن سمع مجاهداً يقول : { فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ } قلت : يعني به : النبيّ صلى الله عليه وسلم ؟ قال : مَعاذ الله إنما يعني به الإنسان . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد { فَمَا يُكذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ } أَعُنِي به النبيّ صلى الله عليه وسلم ؟ قال : معاذ الله إنما عُني به الإنسان . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الكلبيّ { فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ } ؟ إنما يعني الإنسان ، يقول : خلقتك في أحسن تقويم ، فما يكذّبك أيها الإنسان بعد بالدين . وقال آخرون : إنما عُنِي بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقيل له : استيقن مع ما جاءك من الله من البيان ، أن الله أحكم الحاكمين . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ } أي استيقِن بعد ما جاءك من الله البيانُ { ألَيْسَ اللّهَ بِأحْكَمِ الْحاكِمِينَ } ؟ . وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال : معنى « ما » معنى « مَنْ » . ووجه تأويل الكلام إلى : فمن يكذّبك يا محمد بعد الذي جاءك من هذا البيان من الله بالدين ؟ يعني : بطاعة الله ، ومجازاته العباد على أعمالهم . وقد تأوّل ذلك بعض أهل العربية بمعنى : فما الذي يكذّبك بأن الناس يدانون بأعمالهم ؟ وكأنه قال : فمن يقدر على تكذيبك بالثواب والعقاب ، بعد ما تبين له خلقنا الإنسان على ما وصفنا . واختلفوا في معنى قوله : { بالدّين } فقال بعضهم : بالحساب . ذكر من قال ذلك : حدثنا عبد الرحمن بن الأسود الطُّفَاوي ، قال : ثنا محمد بن ربيعة ، عن النضر بن عربيّ ، عن عكرِمة ، في قوله : { فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ } قال : الحساب . وقال آخرون : معناه : بحكم الله . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : { فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ } يقول : ما يكذّبك بحكم الله . وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال : الدين في هذا الموضع : الجزاء والحساب ، وذلك أن أحد معاني الدين في كلام العرب : الجزاء والحساب ومنه قولهم : كما تدين تُدان . ولا أعرف من معاني الدين « الحكم » في كلامهم ، إلا أن يكون مراداً بذلك : فما يكذّبك بعد بأمر الله الذي حكم به عليك أن تطيعه فيه ؟ فيكون ذلك . وقوله : { ألَيْسَ اللّهُ بِأحْكَمِ الْحاكمِينَ } يقول تعالى ذكره : أليس الله يا محمد بأحكم من حكم في أحكامه ، وفصل قضائه بين عباده ؟ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ ذلك فيما بلغنا قال : بَلى . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { ألَيْسَ اللّهَ بِأحْكَمِ الْحاكِمِينَ } ذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأها قال : « بلى ، وأنا على ذلك من الشاهدين » . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا وكيع ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن جُبير ، قال : كان ابن عباس إذا قرأ : { ألَيْسَ اللّهُ بِأحْكَمِ الْحاكِمينَ } قال : سبحانك اللهمّ ، وَبلى . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، قال : كان قتادة إذا تلا : { ألَيْسَ اللّهُ بِأحْكَمِ الْحاكِمينَ ؟ } قال : بلى ، وأنا على ذلك من الشاهدين ، أحسبه كان يرفع ذلك وإذا قرأ : { ألَيْسَ ذَلَك بِقادِرٍ عَلى أنْ يُحْيِيَ المَوْتَى } ؟ قال : بلى ، وإذا تلا : { فَبِأيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ } قال : آمنت بالله ، وبما أنزل .