Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 98, Ayat: 1-4)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : { لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا منْ أهل الْكِتابِ وَالمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ } فقال بعضهم : معنى ذلك : لم يكن هؤلاء الكفار من أهل التوراة والإنجيل ، والمشركون من عَبدة الأوثان { منفكين } يقول : منتهين ، حتى يأتيهم هذا القرآن . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : { مُنْفَكِّينَ } قال : لم يكونوا ليَنتهوا حتى يتبين لهم الحقّ . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : { مُنْفَكِّينَ } قال : منتهين عما هم فيه . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله { مُنْفَكِّينَ حَتَى تأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ } : أي هذا القرآن . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قول الله : { وَالمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ } قال : لم يكونوا منتهين حتى يأتيهم ذلك المنفَكّ . وقال آخرون : بل معنى ذلك أن أهل الكتاب وهم المشركون ، لم يكونوا تاركين صفة محمد في كتابهم ، حتى بُعث ، فلما بُعث تفرّقوا فيه . وأولى الأقوال في ذلك بالصحة أن يقال : معنى ذلك : لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين مفترقين في أمر محمد ، حتى تأتيهم البيِّنة ، وهي إرسال الله إياه رسولاً إلى خلقه ، رسول من الله . وقوله : { مُنْفَكِّينَ } في هذا الموضع عندي من انفكاك الشيئين أحدهما من الآخر ، ولذلك صَلُح بغير خبر ولو كان بمعنى ما زال ، احتاج إلى خبر يكون تماماً له ، واستؤنف قوله { رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ } وهي نكرة على البيِّنة ، وهي معرفة ، كما قيل : { ذُو الْعَرْشِ المَجِيدُ فَعَّالٌ } فقال : حتى يأتيهم بيان أمر محمد أنه رسول الله ، ببعثه الله إياه إليهم ، ثم ترجم عن البيِّنة ، فقال : تلك البينة { رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً مُطَهَّرَةً } يقول : يقرأ صحفاً مطهرة من الباطل { فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ } يقول : في الصحف المطهرة كتب من الله قيمة عادلة مستقيمة ، ليس فيها خطأ ، لأنها من عند الله . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً مُطَهَّرَةً } يذكر القرآن بأحسن الذكر ، ويثني عليه بأحسن الثناء . وقوله : { وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إلاَّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ } يقول : وما تفرّق اليهود والنصارى في أمر محمد صلى الله عليه وسلم ، فكذّبوا به ، إلا من بعد ما جاءتهم البينة ، يعني : من بعد ما جاءت هؤلاء اليهود والنصارى { البيِّنةُ } يعني : بيان أمر محمد ، أنه رسول بإرسال الله إياه إلى خلقه يقول : فلما بعثه الله تفرّقوا فيه ، فكذّب به بعضهم ، وآمن بعضهم ، وقد كانوا قبل أن يُبعث غير مفترقين فيه أنه نبيّ .