Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 24, Ayat: 11-11)

Tafsir: Tafsīr an-Nasāʾī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ جَآءُوا بِٱلإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنْكُمْ } [ 11 ] 380 - أنا محمدُ بن عبد الأعلى ، نا محمدُ بن ثورٍ ، عن معمرٍ ، عن محمد بن مُسلم بن شهاب الزُّهري ، قال : أخبره عُروة بن الزُّبيرِ وسعيد بن المسيبِ وعلقمةُ بن وقاصٍ وعبيدُ الله بن عبد الله بن عتبة ، عن حديث عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم - حين قال لها أهلُ الإفك ما قالوا فبرأها اللهُ - وكُلُّهُم حدَّثني بطائفةٍ من حديثها ، وبعضهم كان أوعى لحديثها من بعضٍ ، وأثبت له اقتصاصاً ، وقد وعيت من كل واحدٍ منهم الحديث الذي حَدَّثني به ، وبعض حديثهم يُصدقُ بعضُهُ بعضاً ، زعموا " أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفراً أقرع بين نسائهِ ، فأيَّتُهُنَّ خرج سهمها خرج بها معهُ ، قالت عائشة : فأقرع بيننا في غزوة غزاها ، فخرج فيها سهمي فخرجتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما أُنزل الحِجابُ . فأنا أُحملُ في هودجي وأنزل فيه فسرنا حتى إذا فزع رسول الله صلى الله عليه وسلم من [ غزوتهِ تلك وقفل ] ودنونا من المدينة ، أذن ليلةً بالرحيل ، فمشيتُ حتى جاوزتُ الجيش فلما قضيتُ شأني أقبلتُ إلى الرحلِ فلمستُ صدري ، فإذا عقدٌ [ لي ] من جزع أظفارٍ قد انقطع ، فرجعت ، فالتمستُ عقدي فحبسني ابتغاؤُهُ ، وأقبل الرهطُ الذين كانوا يرحلون لي وحملوهُ على بعيري الذي كنتُ أركبُهُ ، وهم يحسبون أني فيهِ ؛ وكان النساءُ إذ ذاك خِفافاً لم يُهبِّلهُنَّ ولم يغشهُنَّ اللحمُ ، إنما يأكلن العُلقتين من الطعام ، فلم يستنكر القوم ثِقل الهودجِ حين رفعوه ورحلوه ، وكنتُ جاريةً حديثة السِّنِّ ، فبعثُوا الجمل وساروا ، فوجدتُ عقدي بعدما استمر الجيشُ ، فجئتُ منازلهم وليس بها داعٍ ولا مُجيبٌ ، فيمَّمْتُ منزلي الذي كنتُ فيه ، وظننتُ أن القوم / سيفقدوني فيرجعون ، فبينا أنا جالسةٌ في منزلي إذ غلبتني عيني فنمتُ حتى أصبحتُ ، وكان صفوانُ بن المُعطِّلِ من وراء الجيشِ ، فأدلج ، فأصبح عند منزلي ، فرأى سواد إنسانٍ نائماً ، فأتاني فعرفني حين رآني . وكان يراني قبل أن يضرب علينا الحِجابُ ، فاستيقظتُ باسترجاعِهِ حين عرفني فخمرتُ وجهي بجلبابي ، والله ما كلمني كلمةً ، ولا سمعت منهُ كلمةً غير استرجاعه حين أناخ راحلته فوطِىءَ على يدها فركبتها وانطلق يقود بي الراحلة ، حتى أتينا الجيش بعدما نزلوا مُوغرين في نحو الظهيرةِ ، فهلك من هلك في شأني ، وكان الذي تولي كبرهُ عبد اللهِ ابن أُبيِّ بنِ سلولٍ ، فقدمتُ المدينة ، فاشتكيتُ شهراً ، والناسُ يُفيضون في قولِ أهل الإِفك ، ولا أشعرُ بشيءٍ من ذلك ، وهو يُريبني في وجعي أني لا أعرفُ من رسول الله صلى الله عليه وسلم اللُّطف الذي كُنتُ أري حين أشتكي ، إنما يدخلُ عليَّ فيُسلمُ فيقولُ : " كَيْفَ تِيكُمْ ؟ " فذلك [ الذي ] يُريبني ولا أشعر [ بالشَّرِّ ] حتى خرجتُ بعدما نقِهْتُ ، فخرجت [ معي ] أُمُّ مِسطحٍ قِبَلَ المناصع وهو مُتبرزنا ، ولا نخرج إلا ليلاً إلى ليلٍ . وذلك قبل أن تُتخذ الكُنُفُ قريباً من بيوتنا وأمرنا أمر العرب ، الأُول في التبرز [ قبل الغائطِ ] وكنا نتأذى بالكنفِ أن نتخذها عند بيوتنا . فانطلقتُ أنا وأُمُّ مِسْطَحٍ - وهي : بنتُ أبي رُهم بن عبد المُطلب بن عبد منافٍ ، وأُمُّهَا بنتُ صخر بن عامرٍ خالةُ أبي بكرٍ الصديق ، وابنها مِسطحُ بن أثاثة بن عُبادٍ بن المطلبِ - فأقبلتُ أنا وابنةُ أبي رُهمٍ قبل بيتي حين فرغنا من شأننا ، فعثرت أُمُّ مِسطحِ في مرطها فقالت : تَعِسَ مِسطَحٌ ! فقلتُ لها : بئس ما قُلتِ ، تَسُبِّينَ رجلاً قد شهد بدراً . فقالت : يا هنتاهُ ! ألم تسمعي ما قال ؟ . قُلتُ : وما قال ؟ فأَخبرتني بقول أهلِ الإفكِ فازددتُ مرضاً إلَى مرضي ، فلما رجعتُ إلى بيتي ، ودخل عليَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وقال : " كيف تِيكُمْ " . / قُلتُ : أتأذنُ لِي أن آتي أبويَّ ؟ قال : " نعم " ، وأنا أُريد حينئذٍ أن أتيقن الخبر من عندِهما ، فأذن لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، فجئت لأبويَّ فقلتُ لأُمي أي هنتاهُ ما يتحدث الناسُ ؟ قالت : أي بُنيةُ ؛ هوِّني عليكِ ، فوالله لقلَّ ما كانت امرأةٌ قطُّ وضيئةٌ عند رجلٍ يُحبُّها لها ضرائرُ إلا كثرنَ عليها ، فقلتُ : سُبحان الله ، أوقد تَحدَّث الناسُ بهذا وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : نعم . فبكيت تلك الليلة حتى أصبحتُ لا يرقأُ لي دمعٌ ، ولا أكتحلُ بنومٍ حتى ظنَّ أبواي أنَّ البُكاء سيفلق كبدي ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عَلِيَّ بن أبي طالبٍ ، وأُسامة بن زيدٍ حين استلبث الوحيُ يستشيرهما في فراق أهلِهِ . فأما أُسامة فأشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي يعلم من براءةِ أهلِهِ ، وبالذي [ يعلمُ ] في نفسه من الوُدِّ . فقال : يا رسول اللهِ ، أهْلُكَ ولا نعلمُ إلا خيراً . وأما عليُّ بنُ أبي طالبٍ فقال : يا رسول الله ؛ لم يُضَيِّقِ اللهُ عليك النساء والنساءُ سواها كثيرٌ ، وإن تسأل الجارية تصدقك - يعني بَرِيرَةَ - فدعا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بَرِيرَةَ فقال : " هل رأيت من شيء يُريبكِ من عائشة " قالت بَرِيرَةُ : والذي بعثك بالحقِّ إن رأيت عليها أمراً أغمِصُهُ عليها أكثر من أنها حديثةُ السِّنِّ تنامُ عن عجين أهلها ، فتأتى الدَّاجنُ فتأكُلُهُ . فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيباً فحمد اللهُ وأثنى عليه بما هو أهلهُ ثم قال : " أما بعدُ ، فمن يُعذرني ممن قد بلغني أذاه في أهلي " - يعني عبد الله بن أُبي بن سلولٍ - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر أيضاً : " يا معشر المسلمين ، من يعذرني ممن قد بلغني أذاهُ في أهلي - يعني عبد الله بن أُبي بن سلولٍ - فوالله ما علمتُ على أهلي إلا خيراً ، وما كان يدخلُ على أهلي إلا معي " . فقام سعدُ بن مُعاذٍ الأنصاريُّ فقال : أُعذرك منه يا رسول اللهِ ؛ إن كان من الأوس ضربنا عُنُقَهُ ، وإن كان / من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك . فقال سعدُ بن عُبادةَ - وهو سيدُ الخزرجِ ، وكان رجُلاً صالحاً ، ولكن احتملته الحميةُ فقال : أي سعد بن معاذٍ لعمر اللهِ لا تقتله ولا تقدر على قتلهِ . فقام أُسيدُ بن حُضيرٍ - وهو ابن عم سعد بن معاذٍ فقال لسعدٍ بن عُبادة : كذبت لعمرُ الله لنقتُلنه ، فإنك مُنافق تُجادل عن المنافقين ، فثار الحيان : الأوسُ والخزرج ، حتى همُّوا أن يَقتتِلوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائمٌ على المنبر ، فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يُخفِّضُهُمْ حتى سكتوا ، ثم أتاني النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأنا في بيت أبويَّ ، فبينا هو جالسٌ وأنا أبكي فاستأذنت علىَّ امرأةٌ من الأنصارِ … " وساق الحديث .