Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 2-2)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ ٱلنَّاسَ وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ } الهمزة لإنكار التعجب والتعجيب منه ، وإنما أنكر ذلك لكون سنة الله جارية أبداً على هذا الأسلوب في الإيحاء إلى الرجال ، وإنما كان تعجبهم لبعدهم عن مقامه ، وعدم مناسبة حالهم لحاله ، ومنافاة ما جاء به لما اعتقدوه ، و ( القدم ) بمعنى السبق مجازاً ، لكونه سببه وآلته ، كما تطلق ( اليد ) على النعمة ، و ( العين ) على الجاسوس ، و ( الرأس ) على الرئيس . ثم إن السبق مجاز عن الفضل والتقدم المعنوي إلى المنازل الرفيعة ، فهو مجاز بمرتبتين . أو ( القدم ) بمعنى المقام ، كـ { مَقْعَدِ صِدْقٍ } [ القمر : 55 ] بإطلاق الحالّ وإرادة المحلّ ، وإضافته إلى الصدق من إضافة الموصوف إلى الصفة . وأصله ( قَدَمٌ صدْقٌ ) أي محققة مقررة . وفيه مبالغة لجعلها عين الصدق ، وتنبيه على أنهم إنما نالوا ما نالوا بصدقهم ، ظاهراً وباطناً . قال في ( الانتصاف ) : ولم يرد في سابقة السوء تسميتها ( قدماً ) إما لأن المجاز لا يطرد ، وإما أن يكون مطرداً ، ولكن غلب العرف على قصرها ، كما يغلب في الحقيقة . { قَالَ ٱلْكَافِرُونَ } وهم المتعجبون { إِنَّ هَـٰذَا } أي : الكتاب الحكيم " لسحرٌ مبِين " أي ظاهر . وقرئ { لَسَاحِرٌ } على أن الإشارة إلى الرسول صلوات الله عليه . وهو دليل عجزهم واعترافهم به ، وإن كانوا كاذبين في تسميته سحراً ، وذلك لأن التعجب أولاً ، ثم التكلم بما هو معلوم الانتفاء قطعاً ، حتى عند نفس المعارض - دأب العاجز المفحَم . ثم بين تعالى بطلان تعجبهم ، وما بنوا عليه ، وحقق فيه حقية ما تعجبوا منه ، وصحة ما أنكروه ، بالتنبيه على بعض ما يدل عليها من شؤون الخلق والتقدير ، ويرشدهم إلى معرفتها بأدنى تذكير ، فقال سبحانه : { إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ … } .