Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 54-55)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِن نَّقُولُ إِلاَّ ٱعْتَرَاكَ } أي : مسّك { بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوۤءٍ } أي : بجنون ، لسبِّك إياها ، وصدك عنها ، وعداوتك لها ، مكافأة لك منها على سوء فعلك ، بسوء الجزاء ، ومن ثم تتكلم بما تتكلم . قال الزمخشريّ : دلت أجوبتهم المتقدمة على أنهم كانوا جفاة ، غلاظ الأكباد ، لا يبالون بالبهت ، ولا يلتفتون إلى النصح ، ولا تلين شكيمتهم للرشد ، وهذا الأخير دالٌّ على جهل مفرط ، وبله متناه ، حيث اعتقدوا في حجارة أنها تنتصر وتنتقم . { قَالَ إِنِّيۤ أُشْهِدُ ٱللَّهَ } أي : علي { وَٱشْهَدُوۤاْ أَنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ * مِن دُونِهِ } . قال الزمخشري : من أعظم الآيات أن يواجه ، بهذا الكلام ، رجل واحد أمة عطاشاً إلى إراقة دمه يرمونه عن قوس واحدة ، وذلك لثقته بربه ، وأنه يعصمه منهم ، فلا تنشب فيه مخالبهم ، ونحو ذلك قال نوح عليه السلام لقومه : { ثُمَّ ٱقْضُوۤاْ إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونَ } [ يونس : 71 ] أكد براءته من آلهتهم وشركهم ووثقها بما جرت به عادة الناس من توثيقهم الأمور بشهادة الله ، وشهادة العباد ، فيقول الرجل : الله شهيد عليّ أني لا أفعل كذا ، ويقول لقومه : كونوا شهداء عليّ أني لا أفعله . ولما جاهر بالبراءة مما يعبدون ، أَمَرَهُمْ بالاحتشاد والتعاون في إيصال الكيد إليه ، عليه السلام ، دون إمهال بقوله : { فَكِيدُونِي جَمِيعاً } أي : أنتم وآلهتكم { ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ } يعني إن صح ما لوحتم به من كون آلهتكم لها تأثير في ضرّ ، فكونوا معها فيه ، وباشروه أعجل ما تفعلون دون إمهال . قال أبو السعود : فالفاء لتفريع الأمر على زعمهم في قدرة آلهتهم على ما قالوا ، وعلى البراءة كليهما ، وهذا من أعظم المعجزات ، فإنه عليه الصلاة والسلام كان رجلا مفرداً بين الجم الغفير ، والجمع الكثير ، من عتاة عاد ، الغلاظ الشداد . وقد خاطبهم بما خاطبهم ، وحقّرهم وآلهتهم ، وهيجهم على مباشرة مبادئ المضادة والمضارة ، وحثهم على التصدي لأسباب المعازّة والمعارّة ، فلم يقدروا على مباشرة شيء مما كلفوه وظهر عجزهم عن ذلك ظهوراً بيناً ، كيف لا ، وقد التجأ إلى ركن منيع رفيع ، حيث قال : { إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى ٱللَّهِ … } .