Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 105-105)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ } أي : وكم من آية على وحدانية الخالق ، وقدرته الباهرة ، ونعوته الجليلة ، في السماوات : من كواكبها وأفلاكها ، وفي الأرض : من قطع متجاورات ، وحدائق وجنات ، وجبال راسيات ، وبحار زاخرات ، وقفار شاسعات ، وحيوان ونبات ، وثمار مختلفات ، وأحياء وأموات ، يشاهدونها ، ولا يعتبرون بها . قال الرازي : يعني أنه لا عجب إذا لم يتأملوا في الدلائل الدالة على نبوتك ، فإن العالم مملوء من دلائل التوحيد ، والقدرة والحكمة . ثم إنهم يمرون عليها ، ولا يلتفتون إليها . واعلم أن دلائل التوحيد والعلم والقدرة والحكمة والرحمة ، لابد وأن تكون من أمور محسوسة ، وهي إما الأجرام الفلكية ، وإما الأجرام العنصرية . أما الأجرام الفلكية فهي قسمان : أفلاك وكواكب ، أما الأفلاك ، فقد يستدل بمقاديرها المعينة على وجود الصانع . وقد يستدل بكون بعضها فوق البعض أو تحته ، وقد يستدل بأحوال حركاتها ، إما بسبب أن حركاتها مسبوقة بالعدم ، فلابد من محرك قادر ، وإما بسبب كيفية حركاتها ، في سرعتها وبطئها ، وإما بسبب اختلاف جهات تلك الحركات ، وأما الأجرام الكوكبية : فتارة يستدل على وجود الصانع بمقاديرها وأحيازها وحركاتها ، وتارة بألوانها وأضوائها ، وتارة بتأثيراتها في حصول الأضواء والأظلال ، والظلمات والنور . وأما الدلائل المأخوذة من الأجرام العنصرية : فإما أن تكون مأخوذة من بسائط ، وهي عجائب البر والبحر ، وإما من المواليد وهي أقسام : أحدها : الآثار العلوية ، كالرعد والبرق والسحاب والمطر والثلج والهواء وقوس قزح . وثانيها : المعادن على اختلاف طبائعها وصفاتها وكيفياتها . ثالثها : النبات وخاصية الخشب والورق والثمر ، واختصاص كل واحد منها بطبع خاص وطعم خاص ، وخاصية مخصوصة . ورابعها : اختلاف أحوال الحيوانات في أشكالها وطبائعها وأصواتها وخلقتها . وخامسها : تشريح أبدان الناس ، وتشريح القوى الإنسانية ، وبيان المنفعة الحاصلة فيها . فهذه مجامع الدلائل . ومن هذا الباب أيضاً قصص الأولين ، وحكايات الأقدمين ، وأن الملوك إذا استولوا على الأرض وخربوا البلاد ، وقهروا العباد ، ماتوا ولم يبق منهم في الدنيا خبر ولا أثر ، ثم بقي الوزر والعقاب . ولما كان العقل البشريّ لا يفي بالإحاطة بشرح دلائل العالم الأعلى والأسفل ، ذكر في الكتاب العزيز مجملا . انتهى .