Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 40-40)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ } أي : من دون الله { إِلاَّ أَسْمَآءً سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُمْ } يعني أنكم سميتم ، ما لا يستحق الإلهية ، آلهة ، ثم طفقتم تعبدونها ، فكأنكم لا تعبدون إلا أسماء فارغة لا مسميات تحتها { مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ } أي : حجة تدل على صحتها { إِنِ ٱلْحُكْمُ } أي : في أمر العبادة والدين { إِلاَّ للَّهِ } لأنه مالك ، وهو لم يحكم بعبادتها ، لأنه { أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ إِيَّاهُ } لأن العبادة غاية التذلل ، فلا يستحقها إلا من له غاية العظمة ، { ذٰلِكَ } أي : التوحيد الدال على كمال عظمة الله ، بحيث لا يشاركه فيها غيره { ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ } أي : الحق المستقيم الثابت ، { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } أي : لجهلهم ، ولذا كان أكثرهم مشركين . تنبيه لا يخفى أن قوله تعالى : { قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ } [ يوسف : 37 ] إلى هنا ، مقدمة لجواب سؤالهما عن تعبير رؤياهما ، مهد ، عليه السلام ، بها له ليدعوهما إلى التوحيد ، ليزدادا علماً بعظم شأنه ، وثقة بأمره ، توسلاً بذلك إلى تحقيق ما يتوخاه من هدايتهما ، لا سيما وأن أحدهما ستعاجله منيته بالصلب ، فرجا أن يختم له بخير . قال الزمخشري : لما استعبراه ووصفاه بالإحسان ، افترض ذلك ، فوصل به وصف نفسه بما هو فوق علم العلماء ، وهو الإخبار بالغيب ، وأنه ينبئهما بما يحمل إليهما من الطعام ، وجعل ذلك تخلصاً إلى أن يذكر لهما التوحيد ، ويعرض عليهما الإيمان ، ويزينه لهما ، ويقبح إليهما الشرك بالله . وهذه طريقة ، على كل ذي علم أن يسلكها مع الجهال والفسقة إذا استفتاه واحد منهم ، أن يقدم الهداية والإرشاد والموعظة الحسنة والنصيحة أولاً ، ويدعوه إلى ما هو أولى به ، وأوجب عليه مما استفتي فيه ، ثم يفتيه بعد ذلك . وفيه ، أن العالم إذا جهلت منزلته في العلم ، فوصف نفسه بما هو بصدده - وغرضه أن يقتبس منه ، وينتفع به في الدين لم يكن من باب التزكية . انتهى . وبعد تحقيق الحق ، ودعوتهما إليه ، وبيانه لهما مرتبة علمه ، شرع في تفسير ما استفسراه . ولكونه بحثاً مغايراً لما سبق ، فصله عنه بتكرير الخطاب فقال : { يٰصَاحِبَيِ ٱلسِّجْنِ … } .