Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 83-83)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً } معناه : فرجعوا إلى أبيهم ، فقالوا له ما قال لهم أخوهم . فقال : بل سولت ، أي : زينت وسهلت أنفسكم أمراً ، ففعلتموه . لطيفة قال الزمخشري : أمراً أردتموه ، وإلا فما أدْرَى ذلك الرجل أن السارق يؤخذ بسرقته ، لولا فتواكم وتعليمكم . قال الناصر : هذا من الزمخشري إسلاف جواب عن سؤال ، كأن قائلا يقول : هم في الوقعة الأولى سولت لهم أنفسهم أمراً بلا مراء ، وأما في هذه الوقعة الثانية ، فلم يتعمدوا في حق بنيامين سوءا ، ولا أخبروا أباهم إلا بالواقع على جليته ، وما تركوه بمصر إلا مغلوبين عن استصحابه . فما وجه قوله ثانياً : { بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً } كما قال لهم أولا ؟ وإذا ورد السؤال على هذا التقرير ، فلابد من زيد بسط في الجواب ، فنقول : كانوا عند يعقوب عليه السلام حينئذ متهمين ، وهم قَمِنٌ باتهامه لما أسلفوه في حق يوسف عليه السلام ، وقامت عنده قرينة تؤكد نفي التهمة وتقوّيها ، وهي أخذ الملك له في السرقة ، ولم يكن ذلك إلا من دين يعقوب وحده ، لا من دين غيره من الناس ، ولا من عادتهم . وإلى ذلك وقعت الإشارة بقوله تعالى : { مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ ٱلْمَلِكِ } [ يوسف : 76 ] تنبيها من الله تعالى على وجه اتهام يعقوب لهم ، فعلم أن الملك إنما فعل ذلك بفتواهم له به ، وظن أنهم أفتوه بذلك بعد ظهور السرقة تعمدا ليتخلف أخوهم ، وكان الواقع أنهم استفتوا من قبل أن يدعي عليهم السرقة ، فذكروا ما عندهم ، ولم يشعروا أن المقصود إلزامهم بما قالوا ، واتهام من هو بحيث تتطرق التهمة إليه لا حرج فيه ، وخصوصاً فيما يرجع إلى الوالد من الولد . ويحتمل - والله أعلم - أن يكون الوجه الذي سوغ له هذا القول في حقهم ، أنهم جعلوا مجرد وجود الصواع في رحل من يوجد في رحله ، سرقة ، من غير أن يحيلوا الحكم على ثبوت كونه سارقا بوجه معلوم . وهذا في شرعنا لا يثبت السرقة عليه - ولله أعلم . وقوله : { بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً } واقع بمكانه من حالهم ، وإن كان شرعهم يقتضي ذلك مخالفاً لشرعنا ، فالعمدة على الجواب الأول . اهـ . وقوله تعالى : { فَصَبْرٌ جَمِيلٌ } أي : بلا جزع { عَسَى ٱللَّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً } أي : بيوسف وأخيه المتوقف بمصر ، فتذهب أحزانهم بمرة واحدة { إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ } أي : العليم بحالي وحالهم ، الحكيم في تشديد الأمر ، لينظر مقدار الصبر ، فيفيض بقدره الأجر ، ومن الأجر المعجل تعجيل الفرج .