Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 84-84)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَتَوَلَّىٰ } أي : أعرض { عَنْهُمْ } أي : عن بنيه كراهة لما جاؤوا به { وَقَالَ يَٰأَسَفَىٰ عَلَى يُوسُفَ } أي : يا حزني الشديد ، و ( الألف ) بدل من ياء المتكلم للتخفيف ؛ وقيل . هي ألف الندبة ، والهاء محذوفة . و ( الأسف ) أشد الحزن والحسرة على ما فات . وإنما تأسف على يوسف دون أخويه ، والحادث رزؤهما ، والرزء الأحدث أشد على النفس ، وأظهر أثراً - لأن الرزء في يوسف كان قاعدة مصيباته التي ترتبت عليها الرزايا في ولده ، فكان الأسف عليه أسفاً على من لحق به ، ولأنه لم يزل عن فكره ، فكان غضا طريا عنده ، كما قيل : * ولم تنسني أوفى المصيبات بعده * وكُلُّ جديد يُذْكِّرُ بالقديم . ولأنه كان واثقاً بحياتهما - دون حياته . { وَٱبْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ ٱلْحُزْنِ } وذلك لكثرة بكائه . قال الزمخشري : إذا كثر الاستعبار محقت العبرة سواد العين ، وقلبته إلى بياض كدر . { فَهُوَ كَظِيمٌ } أي : مملوء من الغيظ على أولاده ، ولا يظهر ما يسوؤهم . ( فعليل ) بمعنى ( مفعول ) كقوله : { وَهُوَ مَكْظُومٌ } [ القلم : 48 ] أو بمعنى شديد التجرع للغيظ أو الحزن ، لأنه لم يشكه إلى أحد قط . فهو بمعنى ( فاعل ) . تنبيه دلت الآية على جواز التأسف والبكاء عند المصيبة : قال الزمخشري : فإن قلت : كيف جاز لنبي الله أن يبلغ به الجزع ذلك المبلغ ؟ قلت : الإنسان مجبول على أن لا يملك نفسه عند الشدائد من الحزن ، ولذلك حمد صبره ، وأن يضبط نفسه حتى لا يخرج إلى ما لا يحسن . ولقد بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ولده إبراهيم وقال : " إن العين تدمع والقلب يحزن ، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا ، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون " . وإنما الجزع المذموم ما يقع من الجهلة من الصياح والنياحة ولطم الصدور والوجوه وتمزيق الثياب . وعن الحسن أنه بكى على ولد ، أو غيره . فقيل له في ذلك ؟ فقال : ما رأيت الله جعل الحزن عاراً على يعقوب .