Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 88-88)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَيْهِ } أي : على يوسف بعدما رجعوا إلى مصر ، ولانفهامه من المقام طوى ذكره إيجازاً { قَالُواْ يٰأَيُّهَا ٱلْعَزِيزُ } أي : الملك القادر ، المتمنع ، { مَسَّنَا وَأَهْلَنَا ٱلضُّرُّ } أي : الشدة من الجدب ، { وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ } أي : بدراهم قليلة في مقابلة ما نمتاره . استقلوا الثمن واستحقروه اتضاعاً لهيبة الملك ، واستجلاباً لرأفته وحنانه . وأصل معنى ( التزجية ) : الدفع والرمي ، فكنوا به عن القليل الذي يدفع ، رغبة عنه ، لذلك { فَأَوْفِ لَنَا ٱلْكَيْلَ } أي : أتممه ووفره بهذه الدراهم المزجاة ، كما توفره بالدراهم الجياد . { وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَآ } أي : برد أخينا ، أو بالإيفاء ، أو بالمسامحة وقبول ما لا يعد عوضاً . { إِنَّ ٱللَّهَ يَجْزِي ٱلْمُتَصَدِّقِينَ } أي : يثيبهم أحسن المثوبة . تنبيهات الأول : في الآية إرشاد إلى أدب جليل ، وهو تقديم الوسائل أمام المآرب ، فإنها أنجح لها . وهكذا فعل هؤلاء : قدموا ما ذكر من رقة الحال ، والتمسكن ، وتصغير العوض ، ولم يفجؤوه بحاجتهم ، ليكون ذريعة إلى إسعاف مرامهم ، ببعث الشفقة ، وهز العطف والرأفة ، وتحريك سلسلة الرحمة - كما قدمنا - ومن ثم ، رق لهم ، وملكته الرحمة عليهم ، فلم يتمالك أن عرفهم نفسه ، - كما يأتي . الثاني : يؤخذ من الآية جواز شكوى الحاجة لمن يرجى منه إزالتها . الثالث : استدل بعضهم بقوله تعالى : { فَأَوْفِ لَنَا ٱلْكَيْلَ } على أن أجرة الكيال على البائع ؛ لأنه إذا كان عليه توفية الكيل ، فعليه مؤنته ، وما يتم به . الرابع : استدل بقوله تعالى : { وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَآ } من قال : إن الصدقة لم تكن محرمة على الأنبياء - كذا في الإكليل - وهذا بعد تسليم نبوة إخوة يوسف . وفيها خلاف . وسيأتي في التنبيهات ، آخر السورة ، تحقيق ذلك . الخامس : في قوله تعالى : { إِنَّ ٱللَّهَ يَجْزِي ٱلْمُتَصَدِّقِينَ } حثٌّ على الإحسان ، وإشارة إلى أن المحسِن يجزى أحسن جزاء منه تعالى ، وإن لم يجزه المحسن إليه . ثم بين تعالى رأفة يوسف بتعرفه إليهم بقوله : { قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَّا فَعَلْتُم … } .