Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 89-89)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قَالَ } أي : يوسف مجيباً لهم : { هَلْ عَلِمْتُمْ مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ } أي : شبان غافلون ؟ استفهام تقرير ، يفيد تعظيم الواقعة . ومعناه : ما أعظم ما ارتكبتم في يوسف ، وما أقبح ما أقدمتم عليه : كما يقال للمذنب : هل تدري من عصيتَ ، وهل تعرف من خالفت ؟ وهذه الآية تصديق لقوله تعالى : { وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَـٰذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } [ يوسف : 15 ] . لطائف الأولى : أبدى المهايمي مناسبة بديعة في قول يوسف لهم : { هَلْ عَلِمْتُمْ } إثر قولهم : { إِنَّ ٱللَّهَ يَجْزِي ٱلْمُتَصَدِّقِينَ } [ يوسف : 88 ] ، وهو أنهم أرادوا بقولهم : { إِنَّ ٱللَّهَ يَجْزِي ٱلْمُتَصَدِّقِينَ } أنه يعطيهم في الآخرة ما هو خير من العوض الدنيوي ، فأشار لهم يوسف بأنكم تريدون دفع الضرر العاجل ، بوعد الأجر الآجل ، ولا تدفعون عن أنفسكم الضرر الآجل ، كأنكم تنكرونه ، هل علمتم ضرر ما فعلتم بيوسف ؟ الثانية : قيل : من تلطفه بهم قوله : { إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ } ، كالاعتذار عنهم ؛ لأن فعل القبيح على جهل بمقدار قبحه ، أسهل من فعله على علم . وهم لو ضربوا في طريق الاعتذار لم يُلْفواً عذراً كهذا . ألا ترى أن موسى عليه السلام ، لما اعتذر عن نفسه ، لم يزد على أن قال : { فَعَلْتُهَآ إِذاً وَأَنَاْ مِنَ ٱلضَّالِّينَ } [ الشعراء : 20 ] . ففيه تخفيف للأمر عليهم . الثالثة : قال الزمخشري : فإن قلت : ما فعلهم بأخيه ؟ قلت : تعريضهم إياه للغم والثكل ، بإفراده عن أخيه لأبيه وأمه ، وجفاؤهم به ، حتى كان لا يستطيع أن يكلم أحداً منهم إلا كلام الذليل للعزيز ، وإيذاؤهم له بأنواع الأذى . انتهى .