Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 10-10)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي ٱللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي : وهو ممّا لا مجال للشك فيه لغاية ظهوره . قال ابن كثير : هذا يحتمل معنيين : أحدهما : أفي وجوده شك ؟ فإن الفطَر شاهدة بوجوده ومجبولة على الإقرار به . فإن الاعتراف به ضروريّ في الفطر السليمة ، ولكن قد يعرض لبعض الفطر شك واضطراب فيحتاج إلى النظر في الدليل الموصل إلى وجوده ، ولهذا قالت لهم الرسل ترشدهم إلى طريق معرفته بأنه فاطر السماوات والأرض - أي : الذي خلقهما وابتدعهما على غير مثالٍ سبق - فإن شواهد الحدوث والخلق والتسخير ظاهر عليهما . فلا بدّ لهما من صانع وهو الله لا إله إلاَّ هو خالق كل شيءٍ وإلهه ومليكه . والمعنى الثاني : أفي إلهيته وتفرده بوجوب العبادة له ، شك ؟ وهو الخالق لجميع الموجودات ولا يستحق العبادة إلاّ هو وحده لا شريك له ، فإن غالب الأمم كانت مقرة بالصانع ، ولكن تعبد معه غيره من الوسائط التي يظنونها تنفعهم أو تقرّبهم من الله زلفى . انتهى . وسبق لنا في سورة الأعراف البحث في أن معرفته تعالى ضرورية أو نظرية فارجع إليه . وفي إدخال همزة الإنكار على الظرف إيذان بأن مدار الإنكار ليس نفس الشك بل وقوعه فيما لا يكاد يتوهم فيه الشك أصلاً ، وفي العدول عن تطبيق الجواب على كلام الكفرة بأن يقولوا : " أَأَنْتُمْ في شَكٍ مُرِيبٍ مِنَ اللهِ " مبالغة في تنزيه ساحة جلاله عن شائبة الشك وتسجيل عليهم بسخافة العقول . وقوله تعالى : { يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ } أي : يدعوكم إلى الإيمان بإرساله إيانا ، لا أنّا ندعوكم إليه من تلقاء أنفسنا كما يوهمه قولكم { مِّمَّا تَدْعُونَنَآ إِلَيْهِ } [ إبراهيم : 9 ] . ولام { لِيَغْفِرَ } متعلقة بـ ( يدعو ) أي : لأجل المغفرة لا لفائدته ، تعالى وتقدّس . أو للتعدية أي : يدعوكم إلى المغفرة : كقولك : دعوتك لزيد . و { مِّن } إمَّا تبعيضيّة أي : بعض ذنوبكم وهو ما بينهم وبين الله تعالى دون المظالم ، أو صلة ، على مذهب الأخفش وغيره ، من زيادتها في الإيجاب ، أو للبدل أي : بدل عقوبة ذنوبكم ، أو على تضمين ( يغفر ) معنى ( يخلص ) . وادعى الزمخشريّ مجيئه بـ { مِّن } هكذا في خطاب الكافرين دون المؤمنين في جميع القرآن . قال : وكان ذلك للتفرقة بين خطابين ، ولئلا يسوي بين الفريقين في الميعاد . قال في ( الكشاف ) : وللتخصيص فائدة أخرى وهي التفرقة بين الخطابين بالتصريح بمغفرة الكل وإبقاء البعض في حق الكفرة مسكوتاً عنه لئلا يتكلوا على الإيمان . وقوله تعالى : { وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَىۤ أَجَلٍ مُّسَـمًّـى } أي : يمتعكم متاعاً حسناً إلى أجل مسمّى { قَالُوۤاْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } أي : آية مما نقترحه تدل على فضلكم علينا بالنبوة .