Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 87-87)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَأَلْقَوْاْ } أي : وألقى الذين ظلموا { إِلَىٰ ٱللَّهِ يَوْمَئِذٍ ٱلسَّلَمَ } أي : الاستسلام لحكمه بعد إبائهم في الدنيا { وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } . أي مِنْ أَنَّ لله شركاء ، وأنهم يشفعون لهم عند الله تعالى . فإن قيل : قد جاء إنكارهم كقوله تعالى : { يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ ٱللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ } [ المجادلة : 18 ] والجواب ( كما قال القاشانيّ ) : إن ذلك بحسب المواقف . فالإنكار في الموقف الأول وقت قوة هيئات الرذائل وشدة شكيمة النفس في الشيطنة وغاية البعد عن النور الإلهيّ ، للاحتجاب بالحجب الغليظة والغواشي المظلمة حتى لا يعلم أنه كان يراه ويطلع عليه . ونهاية تكدر نور الفطرة حتى يمكنه إظهار خلاف مقتضاه ، والاستسلام في الموقف الثاني بعد مرور أحقاب كثيرة من ساعات اليوم ، الذي كان مقداره خمسين ألف سنة ، حين زالت الهيئات ورقت ، وضعفت شراشر النفس في رذائلها ، وقرب من عالم النور ، لرقة الحجب ولمعان نور فطرته الأولى ، فيعترف وينقاد . هذا إذا كان الاستسلام والإنكار لنفوس بعينها . وقد يكون الاستسلام للبعض الذين لم ترسخ هيئات رذائلهم ولم تغلظ حجبهم ولم ينطفيء نور استعدادهم . والإنكار لمن رسخت فيه الهيئات وقويت وغلبت عليه الشيطنة واستقرت ، وكثف الحجاب وبطل الاستعداد ، والله أعلم .