Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 88-89)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَاباً فَوْقَ ٱلْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ } أي : يضاعف لهم العذاب كما ضاعفوا كفرهم بصدهم غيرهم عن الإيمان ، كقوله تعالى : { وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ } [ الأنعام : 26 ] وفي الآية دليل على تفاوت الكفار في عذابهم ، كما يتفاوت المؤمنون في منازلهم في الجنة ودرجاتهم ، كما قال تعالى : { لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَـٰكِن لاَّ تَعْلَمُونَ } [ الأعراف : 38 ] . { وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِّنْ أَنْفُسِهِمْ } وهو نبيّهم { وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَىٰ هَـٰؤُلآءِ } أي : اذكر ذلك اليوم ، وما منحك الله فيه من الشرف العظيم والمقام الرفيع . وما يلحق الكافرين فيه من تمني كونهم تراباً ، لهول المطلع . وقد ذكر ذلك في آية النساء في قوله تعالى : { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَـٰؤُلاۤءِ شَهِيداً * يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ ٱلرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّىٰ بِهِمُ ٱلأَرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ ٱللَّهَ حَدِيثاً } [ النساء : 41 - 42 ] . وقوله تعالى : { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ } مستأنف . أو حال بتقدير ( قد ) . قال الرازيّ : وجه تعلق هذا الكلام بما قبله . أنه تعالى لما قال : { وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَىٰ هَـٰؤُلآءِ } بيَّن أنه أزاح علتهم فيما كلفوا . فلا حجة لهم ولا معذرة . وقال ابن كثير في وجه ذلك : إن المراد ، والله أعلم ، إن الذي فرض عليك تبليغ الكتاب الذي أنزله عليك ، سائلك عن ذلك يوم القيامة { فَلَنَسْأَلَنَّ ٱلَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ ٱلْمُرْسَلِينَ } [ الأعراف : 6 ] ، { فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [ الحجر : 92 - 93 ] { يَوْمَ يَجْمَعُ ٱللَّهُ ٱلرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَآ أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَآ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ ٱلْغُيُوبِ } [ المائدة : 109 ] وقال تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ لَرَآدُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ } [ القصص : 85 ] أي : إن الذي أوجب عليك تبليغ القرآن لرادك إليه ومعيدك يوم القيامة وسائلك عن أداء ما فرض عليك . هذا أحد الأقوال ، وهو متجه حسن . انتهى . و ( التبيان ) من المصادر التي بنيت على هذه الصيغة لتكثير الفعل والمبالغة فيه . أي : تبييناً لكل علم نافع من خبر ما سبق وعلم ما سيأتي وكل حلال وحرام ، وما الناس محتاجون إليه في أمر دنياهم ودينهم ومعاشهم ومعادهم { وَهُدًى } أي : هداية لمن استسلم وانقاد لسلامة فطرته إلى كماله { وَرَحْمَةً } أي : له بتبليغه إلى ذلك الكمال بالتربية والإمداد ، ونجاته من العذاب ، وبشارة له بالسعادة الأبدية .