Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 2-3)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَآتَيْنَآ مُوسَى ٱلْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلاً * ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً } . قال ابن كثير : لما ذكر تعالى أنه أسرى بعبده محمد صلى الله عليه وسلم ، عطف بذكر موسى عبده ورسوله وكليمه . فإنه تعالى كثيراً ما يقرن بين ذكر موسى ومحمد عليهما السلام ، وبين ذكر التوراة والقرآن . وقال الرازيّ : لما ذكر الله تعالى في الآية الأولى إكرامه محمداً صلى الله عليه وسلم بأن أسرى به ، ذكر في الآية أنه أكرم موسى عليه الصلاة والسلام قبله بالكتاب الذي آتاه . وقال الشهاب في ( العناية ) : عقبت آية الإسراء بهذه ، استطراداً بجامع أن موسى عليه الصلاة والسلام أعطي التوراة بمسيره إلى الطور وهو بمنزلة معراجه ؛ لأنه صح ثمة التكليم ، وشرّف باسم الكليم مدمجاً فيه تفاوت ما بين الكتابين ومن أنزلا عليه . وإن شئت فوازن بين { أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ } [ الإسراء : 1 ] . { وَآتَيْنَآ مُوسَى } وبين { هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ } . و { يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ } [ الإسراء : 9 ] . و ( الواو ) استئنافية أو عاطفة على جملة { سُبْحَانَ ٱلَّذِى أَسْرَىٰ } [ الإسراء : 1 ] إلخ لا على { أَسْرَىٰ } ، لبعده وتكلفه . وضمير { وَجَعَلْنَاهُ } للكتاب أو لموسى و { لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ } متعلق بـ { هُدًى } أو بـ { وَجَعَلْنَاهُ } ، وهي تعليلية . وقوله : { أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلاً } أي : ولياً ومعبوداً تكلون إليه أموركم ؛ لأنه تعالى أنزل على كل نبيّ أرسله ، أن يعبده وحده لا شريك له ، وقد قرئ " ألا يتخذوا " بالياء على الغيبة على حذف لام التعليل . والتقدير : جعلناه هدى لئلا يتخذوا . وقرئ بالتاء على الخطاب . وفيه ثلاثة أوجه : أحدها : أن ( أَنْ ) بمعنى أي . وهي مفسرة لما تضمنه الكتاب من الأمر والنهي . الثاني : أن ( أن ) زائدة ، أي قلنا : لا تتخذوا . الثالث : أن ( لا ) زائدة ، والتقدير : مخافة أن تتخذوا . والوكيل والموكول إليه . أي : المفوض إليه الأمور ، وهو الرب . فـ ( فعيل ) بمعنى مفعول . و ( دون ) بمعنى غير . و ( من ) زائدة . أو تبعيضية . وقوله : { ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ } نصب على الاختصاص أو النداء . وفيه تهييج وتنبيه على المنة . والإنعام عليهم في إنجاء آبائهم من الغرق بحملهم مع نوح في السفينة . وإيماء إلى علة النهي . كأنه قيل : لا تشركوا به فإنه المنعم عليكم والمنجي لكم من الشدائد . وأنهم ضعفاء محتاجون إلى لطفه . وفي التعبير بـ ( الذرية ) الغالب إطلاقها على الأطفال والنساء ، مناسبة تامة لما ذكر . وذكر حملهم في السفينة ، للإشارة إلى أنه لم يكن لهم حينئذ وكيل يتكلون عليه سواه وقوله : { عَبْداً شَكُوراً } أي : لمعرفته بنعم الله واستعمالها على الوجه الذي ينبغي . وفيه إيماء بأن إنجاءه ومن معه كان ببركة شكره ، وحث للذرية على الاقتداء به . وقيل : إنه استطراد .