Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 36-37)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } أي : لا تتبعه في قول أو فعل ، تسنده إلى سمع أو بصر أو عقل . من ( قفا أثره ) إذا تبعه . قال الزمخشريّ : والمراد النهي عن أن يقول الرجل ما لا يعلم ، وأن يعمل بما لا يعلم ويدخل فيه النهي عن التقليد دخولاً ظاهراً ؛ لأنه اتباع لما لا يعلم صحته من فساد . انتهى . ولا يخفى ما يندرج تحت هذه الآية من أنواع كثيرة . كمذاهب الجاهلية في الإلهيات والتحريم والتحليل . وكشهادة الزور والقذف ورمي المحصنات الغافلات والكذب وما شاكلها { إِنَّ ٱلسَّمْعَ وَٱلْبَصَرَ وَٱلْفُؤَادَ كُلُّ أُولـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً } أي : كان صاحبها مَسْئولاً عما نسب إليها يوم القيامة . أو تُسأل نفس الأعضاء لتشهد على صاحبها . قال المهايميّ : قدم السمع ؛ لأن أكثر ما ينسب الناس أقوالهم إليه . وأخر الفؤاد ؛ لأنه منتهى الحواس . ولم يذكر بقيتها لأنه لا يخالفها قول أو فعل . { وَلاَ تَمْشِ فِي ٱلأَرْضِ مَرَحاً } أي : مختالاً . أي : مشية المعجب المتكبر . إذ لا يفيدك قوة ولا علواً ، كما قال سبحانه : { إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ ٱلأَرْضَ } أي : لن تجعل فيها خرقاً بدوسك لها ، وشدة وطأتك { وَلَن تَبْلُغَ ٱلْجِبَالَ طُولاً } أي : لن تحاذيها بتطاولك ومدّ قامتك ، كما يفعله المختال تكلفاً . وفي هذا تهكم بالمختال ، وإيذان بأن ذلك مفاخرة مع الأرض وبعض أجزائها . قال الناصر : وفي هذا التهكم والتقريع لمن يعتاد هذه المشية ، كفاية في الانزجار عنها ولقد حفظ الله عوامَّ زماننا عن هذه المشية . وتورط فيها قراؤنا وفقهاؤنا . بينا أحدهم قد عرف مسألتين أو أجلس بين يديه طالبين ، أو شدّ طرفا من رياسة الدنيا ، إذا هو يتبختر في مشيه ، ويترجع ولا يرى أنه يطاول الجبال ، ولكن يحك بيافوخه عنان السماء ، كأنهم يمرون عليها وهم عنها معرضون . وماذا يفيده أن يقرأ القرآن أو يُقْرَأ عليه ، وقلبه عن تدبره على مراحل ، والله ولي التوفيق .