Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 2-3)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قَيِّماً } أي : قيّما بمصالح العباد وما لا بد لهم منه من الشرائع . فهو وصف له بأنه مكمل لهم ، بعد وصفه بأنه كامل في نفسه . أو قيماً على الكتب السالفة مهيمناً عليها . أو متناهياً في الاستقامة والاعتدال . فيكون تأكيداً لما دل عليه نفي العوج . مع إفادة كون ذلك من صفاته الذاتية اللازمة له ، حسبما تنبئ عنه الصيغة . وانتصابه بمضمر تقديره ( جعله ) كما ذكرنا . على أنه جملة مستأنفة . وفيه وجوه أخر . تنبيه ذهب القاشانيّ أن الضمير في { لَّهُ } وما بعده لقوله : { عَبْدِهِ } قال : أي : لم يجعل لعبده زيغاً وميلاً . وجعله قيماً ، يعني : مستقيما ، كما أُمِرَ بقوله : { فَٱسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ } [ هود : 112 ] ، أو قيماً بأمر العباد وهدايتهم ، إذ التكميل يترتب على الكمال ؛ لأنه عليه الصلاة والسلام لما فُرِغ من تقويم نفسه وتزكيتها ، أقيمت نفوس أمته مقام نفسه . فأمِرَ بتقويمها وتزكيتها . ولهذا المعنى سمي إبراهيم ، صلوات الله عليه ، أمة . وهذه القيّمية أي : القيام بهداية الناس ، داخلة في الاستقامة المأمور هو بها في الحقيقة ، انتهى . والأظهر الوجه الأول . وقوله تعالى : { لِّيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِّن لَّدُنْهُ } أي : لينذر من خالفه ولم يؤمن به ، عذاباً شديداً عاجلاً أو آجلاً . و ( البأس ) : القهر والعذاب ، وخصصه بقوله : { مِنْ لَدُنْهُ } إشارة إلى زيادة هَوْله . ولذلك عظمه بالتنكير . متعلق بـ { أَنْزَلَ } أو بعامل { قَيِّماً } { وَيُبَشِّرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } أي : به . وقال القاشانيّ : أي : الموحدين لكونهم في مقابلة المشركين ، الذين قالوا اتخذ الله ولداً . وقوله تعالى : { ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلصَّالِحَاتِ } أي : من الخيرات والفضائل { أَنَّ لَهُمْ } أي : بأن لهم ، بمقابلة إيمانهم وأعمالهم المذكورة { أَجْراً حَسَناً } وهو الجنة { مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً } .