Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 138-138)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ صِبْغَةَ ٱللَّهِ } مصدر مؤكد منتصب من قوله : { آمَنَّا بِٱللَّهِ } [ البقرة : 136 ] كذا قاله سيبويه . فهو بمثابة فعله ، كأنه قيل : صبغنا الله صبغة . أي : صبغ قلوبنا بالهداية والبيان صبغة كاملة لا ترتفع بماء الشبه ، ولا تغلب صبغة غيره عليها . والصبغة كالصبغ ( بالكسر فيهما لغة ) ما يُصْبَغ به وتلون به الثياب ، ووصف الإيمان بذلك لكونهم تطهيراً للمؤمنين من أوضار الكفر ، وحلية تزينهم بآثاره الجميلة ، ومتداخلاً في قلوبهم ، كما أن شأن الصبغ بالنسبة إلى الثوب كذلك ، ويقال : صبغ يده بالماء غمسها فيه . وأنشد ثعلب : @ دع الشَّرَ وأنزل بِالنجاة تحرزاً إذا أنت لم يُصْبِغْكَ في الشر صابغُ @@ وقال الراغب : الصبغة إشارة من الله عز وجل إلى ما أوجده في الناس من بداية العقول التي ميزنا بها من البهائم ، ووشحنا بها لمعرفته ومعرفة حسن العدالة وطلب الحق ، وهو المشار إليه بالفطرة في قوله : { فِطْرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ ٱللَّهِ } [ الروم : 30 ] الآية والمعنى بقوله عليه السلام : " كل مولود يولد على الفطرة … " الخبر . وتسمية ذلك بالصبغة من حيث إن قوى الإنسان التي ركب عليها ، إذا اعتبرت بذاته ، تجري مجرى الصبغة التي هي زينة المصبوغ . ولما كانت اليهود والنصارى ، إذا لقنوا أولادهم اليهودية والنصرانية ، يقولون : قد صبغناه - بيّن تعالى أن الإيمان بمثل ما آمنتم به هو صبغة الله وفطرته التي ركزها في الخلق . ولا أحد أحسن صبغة منه . ثم قال : وقول الحسن وقتادة ومجاهد : إن الصبغة هي الدين ، وقول غيرهم : إنها الشريعة ، وقول من قال : هو الختان - إشارة إلى مغزى واحد . { وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ ٱللَّهِ صِبْغَةً } الاستفهام للإنكار والنفي . أي : لا صبغة أحسن من صبغته تعالى ؛ لأنها صبغة قلب لا تزول . لثباتها بما تولاها الحفيظ العليم ، فلا يرتد أحد عن دينه سخطة له بعد أن خالط الإيمان بشاشة قلبه . والجملة اعتراضية مقررة لما في { صِبْغَةَ ٱللَّهِ } من معنى الابتهاج { وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ } شكراً لتلك النعمة ولسائر نعمه . فكيف تذهب عنا صبغته ونحن نوكدها بالعبادة ، وهي تُزيلُ رَََيْنَ القلب فينطبع فيه صورة الهداية . وهو عطف على { آمَنَّا } ، داخل معه تحت الأمر .