Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 148-148)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ } أي : لكل أمة أو لكل نبيّ قبلة أو شرعة ومنهاج { هُوَ مُوَلِّيهَا } وجهه . أي : مائل إليها بوجهه ، تابع لها ، لأنها حُبِّبت وزُيِّنت له . وقال أبو معاذ : موليها بمعنى متوليها ، أي تولاها ورضيها واتبعها { فَٱسْتَبِقُواْ ٱلْخَيْرَاتِ } أي : ابتدروها بالمسابقة إليها ، وهذا أبلغ من الأمر بالمسارعة ، لما فيه من الحث على إحراز قصب السبق . والمراد بالخيرات جميع أنواعها مما ينال به سعادة الدارين . { أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ ٱللَّهُ جَمِيعاً } قال الراغب : أي : أيّ شغل تحريتم ، وحيثما تصرفتم ، وأي معبود اتخذتم ، فإنكم مجموعون ومحاسبون عليها { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } تعليل لما قبله ، أي هو قادر على جمعكم من الأرض ، وإن تفرقت أجسادكم وأبدانكم . تنبيه تشير الآية إلى أن الناس على مذاهب عديدة وأديان متنوعة ، وأن على العاقل أن يستبق إلى ما كان خيرها وأرقاها . وقد اتفق العقلاء قاطبة والفلاسفة أن دين الإسلام أرقى الأديان كلها لما حَوَى من حاجيات الكمال البشريّ ، ووفى بشؤون الاجتماع ، وأسباب العمران وذرائع الرقيّ وطرق السعادتين . وهذه الآية شبيهة بقوله تعالى : { لِّكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ } [ الحج : 67 ] ، وقوله : { لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَىٰ الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } [ المائدة : 48 ] . ثم إنه تعالى أكد حكم التحويل وبيّن عدم تفاوت أمر الاستقبال في حالتي السفر والحضر بقوله : { وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَإِنَّهُ … } .