Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 150-150)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ } وقوله تعالى : { لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ } أي : لئلا يحتج عليكم أحد في التولي إلى غيره ، ولتنتفي مجادلتهم لكم ، كقول اليهود مثلاً : أي : يجحد ديننا ويتبع قبلتنا ! وقول غيرهم : يدعي ملة إبراهيم ويخالف قبلته ! فإذا صليتم إليه لا تكون لهم عليكم حجة . قال الراغب : وأشار بقوله : { وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ } [ البقرة : 149 ] إلى تحقيق ما قدمه . فبيّن أنه إذا كانت الحكمة تقتضي أن يكون لكل صاحب شرع قبلة يختص بها ، وأنت صاحب شرع ، فتغيير القبلة لك حق من ربك . ثم قال : إن قيل : لِمَ كرّر قوله : { وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ } ؟ قيل : حثّ بإحداهما على التوجه نحو القبلة بالقلب والبدن في أي مكان حصل للإنسان ، نائياً كان عنها أو دانياً منها . وذلك مآل الاختيار والتمكن . وحثَّ بالآخر على التمكن بالقلب وحده عند اشتباه القبلة . وفي النافلة في حال اليسر على الراحلة والسفر . { إِلاَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ } فإنهم يظهرون فجوراً ولَدَداً في ذلك ، بالعناد ، وهم : إما اليهود المعبر عنهم بأهل الكتاب قبلُ ، أو المنافقون أو المشركون ، كما حكى قبل في " السفهاء " . وكان من قول اليهود ، فيما حكاه قتادة : اشتاق الرجل إلى بيت أبيه ودين قومه . ومن قول المشركين ، فيما حكاه مجاهد : قد رجع إلى قبلتكم فيوشك أن يرجع إلى دينكم . وتقدم قول المنافقين . وبالجملة فالكل عابوا وخاضوا { فَلاَ تَخْشَوْهُمْ } تخافوا جدالهم { وَٱخْشَوْنِي } فلا تخالفوا أمري { وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ } بالتوجه إلى أكمل الجهات المتضمنة للآيات البينات والأمن { وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } للصراط المستقيم بالتوجه إليها ، فتهتدون بهذه القبلة هداية كاملة . قال الحراليّ : وفي طيه بشرى بفتح مكة ، واستيلائه على جزيرة العرب كلها ، وتمكينه بذلك من سائر أهل الأرض . لاستغراق الإسلام لكافة العرب الذين فتح الله بهم له مشارق الأرض ومغاربها ، التي انتهى إليها ملك أمته .