Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 151-151)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ كَمَآ أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنْكُمْ } وقوله تعالى : { فِيكُمْ } المراد به العرب . وكذلك قوله : { مِّنْكُمْ } . وفي إرساله فيهم ومنهم نِعَمٌ عظيمة عليهم لما لهم فيه من الشرف ، ولأن المشهور من حال العرب الأنَفة الشديدة من الانقياد للغير ، فبعثه الله تعالى من واسطتهم ليكونوا إلى القبول أقرب { يَتْلُواْ عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا } يقرأ عليكم القرآن الذي هو من أعظم النعم ، لأنه معجزة باقية . ولأنه يتلى فتتأدى به العبادات ويستفاد منه جميع العلوم ، ومجامع الأخلاق الحميدة ، فتحصل من تلاوته كل خيرات الدنيا والآخرة { وَيُزَكِّيكُمْ } أي : يطهركم من الشرك وأفعال الجاهلية وسفاسف الأخلاق { وَيُعَلِّمُكُمُ ٱلْكِتَابَ } وهو القرآن ، وهذا ليس بتكرار ، لأن تلاوة القرآن عليهم غير تعليمه إياهم { وَٱلْحِكْمَةَ } وهي العلم بسائر الشريعة التي يشتمل القرآن على تفصيلها . ولذلك قال الشافعي رضي الله عنه : الحكمة هي سنة الرسول . وقوله : { وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ } تنبيه على أنه تعالى أرسل رسوله على حين فترة من الرسل ، وجهالةٍ من الأمم ، فالخلق كانوا متحيرين ضالين في أمر أديانهم . فبعث الله تعالى النبيّ بالحق . حتى علمهم ما احتاجوا إليه في دينهم ، فصاروا أعمق الناس علماً وأبرهم قلوباً وأقلهم تكلفاً وأصدقهم لهجة ، وذلك من أعظم أنواع النعم . قال تعالى : { لَقَدْ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَى ٱلْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ } [ آل عمران : 164 ] الآية . وذم من لم يعرف قدر هذه النعمة فقال تعالى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ ٱلْبَوَارِ } [ إبراهيم : 28 ] قال ابن عباس يعني : بنعمة الله ، محمداً صلى الله عليه وسلم . ولهذا ندب الله المؤمنين إلى الاعتراف بهذه النعمة ومقابلتها بذكره وشكره ، وقال : { فَٱذْكُرُونِيۤ أَذْكُرْكُمْ وَٱشْكُرُواْ لِي … } .