Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 196-196)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَأَتِمُّواْ ٱلْحَجَّ وَٱلْعُمْرَةَ للَّهِ } أي : أدّوهما تامّين بمناسكهما المشروعة لوجه الله تعالى . قال الراغب : قيل : { أَتِمُّواْ } خطاب لمن خرج حاجاً أو معتمراً ، فأمر ألا يصرف وجهه حتى يتمهما . وإليه ذهب أبو حنيفة رحمه الله . واحتجّ به في وجوب إتمام كلّ عبادة دخل فيها الإنسان متنفلاً ، وأنه متى أفسدها وجب قضاؤها . وقيل : إنه خطاب لهم ولمن لم يتلبس بالعبادة . وذكر لفظ الإتمام تنبيه على توفية حقها وإكمال شرائطها . وعلى هذا قوله تعالى : { ثُمَّ أَتِمُّواْ ٱلصِّيَامَ إِلَى ٱلَّليْلِ } [ البقرة : 187 ] وإلى هذا ذهب الشافعيّ رحمه الله واحتجّ به في وجوب العمرة . وإنما قال في الحجّ والعمرة { للَّهِ } ولم يقل ذلك في الصلاة والزكاة ، من أجل أنهم كانوا يتقربون ببعض أفعال الحجّ والعمرة إلى أصنامهم : فخصهما بالذكر لله تعالى حثّاً على الإخلاص فيهما ، ومجانبة ذلك الاعتقاد المحظور . { فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ } أي : حبسكم عدوّ عن إتمام الحجج أو العمرة وأردتم التحلل { فَمَا ٱسْتَيْسَرَ مِنَ ٱلْهَدْيِ } أي : فعليكم ، أو فالواجب ، أو فأهدوا ما استيسر ؛ يقال : يسرُ الأمر واستيسر كما يقال : صَعُب واستصعب ؛ و { ٱلْهَدْيِ } بتخفيف الياء وتشديدها جمع هَدْية وهَدِيّة . وهو : ما أهدي إلى مكة من النعم لينحر تقرباً به إلى الله . قال ثعلب : الهدي ، بالتخفيف ، لغة أهل الحجاز . وبالتثقيل ، على فعيل ، لغة بني تميم وسفلى قيس . وقد قرئ بالوجهين جميعاً في الآية . وشاهد الهديّ مثقلاً من كلامهم قول الفرزدق : @ حَلَفتُ بربّ مكة والمصَلَّى وَأَعنَاقِ الهديِّ مقلّدَاتِ @@ وشاهد الهدية كذلك قول ساعدة بن جُؤَيَّّة : @ إني وأيديهم وكل هدية مما تثج له ترائب تثعب @@ وأعلى الهدي بدنة ، وأدناه شاة . والمعنى : أن المحرم إذا أُحصر وأراد أن يتحلل ، تحلل بذبح هدي تيسر عليه : من بدنة أو بقرة أو شاة . تنبيه قال الراغب : ظاهر قوله تعالى : { أُحْصِرْتُمْ } أنه لا فرق فيه بين أن يحصر بمكة أو بغيرها . وبعد عرفة أو قبلها . وكذلك لا فرق في الظاهر بين أن يحصره عدوّ مسلم أو غيره . وظاهره يقتضي أنه لا فضل بين إحصار العدوّ وإحصار المرض ، لولا أن الآية نزلت في سبب العدوّ فلا يجوز أن تتعدى إلا بدلالة ، ولأن قوله : { فَإِذَآ أَمِنتُمْ } يدلّ على أن المراد بالإحصار هو بالعدوّ . وقد يقال : العبرة في أمثاله بعمومه كما ذهب إليه ثلة من السلف . فقد روى ابن أبي حاتم عن ابن مسعود ، وابن الزبير ، وعلقمة ، وسعيد بن المسيب ، وعروة بن الزبير ، ومجاهد ، والنخعي ، وعطاء ، ومقاتل أنهم قالوا : الإحصار من عدوّ أو مرض أو كسر . وقال الثوريّ : الإحصار من كل شيء آذاه . وثبت في الصحيحين عن عائشة " أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب فقالت : يا رسول الله ! إني أريد الحجّ وأنا شاكية . فقال : " حجّي واشترطي أن محلي حيث حبستني " ورواه مسلم عن ابن عباس بمثله . ومن دلالة الآية ما قاله الراغب : إن ظاهرها يقتضي أن لا قضاء على المحصَر لأنه قال : { فَمَا ٱسْتَيْسَرَ مِنَ ٱلْهَدْيِ } واقتصر عليه . { وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ ٱلْهَدْيُ مَحِلَّهُ } أي : الموضع الذي يحلّ فيه نحره ، وهو مكانه الذي يستقرّ فيه . يعني : موضع الإحصار . وبلوغه إياه كناية عن ذبحه فيه . واستعمال بلوغ الشيء محله في وصوله إلى ما يقصد منه - شائع . ولمّا اعتمر النبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه عام الحديبية ، وحصرهم كفّار قريش عن الدخول إلى الحرم ، حلقوا وذبحوا هديهم بها ولم يبعثوا به إلى الحرم . وقد ساق الإمام ابن القيّم في زاد المعاد بعض ما في قصة الحديبية من القواعد الفقهية في فصل قال فيه : ومنها أنّ المحصَر ينحر هديه حيث أُحصر من الحل أو الحرم ، وأنّه لا يجب عليه أن يواعد من ينحره في الحرم إذا لم يصل إليه ، وأنّه لا يتحلل حتى يصل إلى محله ، بدليل قوله تعالى : { هُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّوكُمْ عَنِ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَٱلْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ } [ الفتح : 25 ] . ومنها : أن الموضع الذي نحر فيه الهدى كان من الحلّ لا من الحرم ؛ لأنّ الحرم كله محل الهدى . وقال الإمام مالك في الموطأ : من حُبس بعدوٍّ فحال بينه وبين البيت ، فإنه يحل من كل شيء ، وينحر هديه ، ويحلق رأسه حيث حبس ، وليس عليه قضاء . قال : فهذا الأمر عندنا فيمن أحصر بعدوٍّ ، كما أحصر النبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه . { فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ } أي : فمن كان منكم - معشرَ المحرمين - مريضاً مرضاً يتضرر معه بالشَّعْر ويحوجه إلى الحلق ، أو كان به أذىً من رأسه - كجراحةٍ وقملٍ - عليه إن حَلَقَ ، فدية من صيام أو صدقة أو نسك . وقد نزلت هذه الآية في كعب بن عُجرة الأنصاريّ رضي الله عنه قال : " حُمِلت إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم والقمل يتناثر على وجهي ، فقال : " ما كنت أُرى أنّ الجهد قد بلغ بك هذا … ! أما تجد شاةً ؟ " قلت : لا ! قال : " صم ثلاثة أيامٍ أو أطعم ستة مساكين لكلّ مسكين نصف صاع من طعامٍ واحلق رأسك " فنزلت فيّ خاصة وهي لكم عامّة ، رواه الشيخان وغيرهما . واللفظ للبخاريّ . وروى الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن كعب بن عجرة قال : " كنّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية ونحن محرمون ، وقد حَصَرَنا المشركون ، وكانت لي وفرة ، فجعلت الهوامّ تساقط على وجهي ، فمرّ عليّ النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " أيؤذيك هوامّ رأسك ؟ " قلت : نعم . فأمره أنْ يحلق . قال : ونزلت هذه الآية " قال ابن عباس : إذا كان أوْ أوّ فأيّةً أخذت أجزأ عنك ! وعامة العلماء : أنه يخيّر في هذا المقام إن شاء صام وإن شاء تصدّق بفرق - وهو ثلاثة آصع لكل مسكين نصف صاع وهو مدّان - وإن شاء ذبح شاة وتصدّق بها على الفقراء ، أيّ ذلك فعل أجزأه . ولمّا كان لفظ القرآن في بيان الرخصة ، جاء بالأسهل فالأسهل . ولمّا أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم كعب بن عجرة بذلك أرشده أولاً إلى الأفضل فقال : " أما تجد شاة ؟ " فكلٌّ حسن في مقامه ، ولله الحمد والمنّة . أفاده ابن كثير . تنبيه استفيد من الآية أحكام : الأول : جواز الحلق من المحرم ، واللبس للمخيط للضرورة ، ووجوب الفدية عليه ، وذلك لبيان سبب النزول . الثاني : تحريم الحلق ولبس المخيط لغير عُذر ، وهذا مأخوذ من المفهوم لأنه مصرّح به ، وذلك إجماع . الثالث : أنّ الفدية الواجبة تكون من أجناس الثلاثة وهي : الصيام ، أو الصدقة ، أو النسك ، وقد ورد بيانها في حديث كعب . الرابع : أنّ الفدية واجبة على التخيير كما بيّنا . قال الراغب : وظاهر الآية يقتضي أنه لا فرق بين قليل الشَّعْر وكثيره ، بخلاف ما قال أبو حنيفة رحمه الله ، حيث لم يلزم إلا بحلق الثلث . وغيره لم يلزم إلا بحلق الربع . لطيفة أصل النسك العبادة وسميت ذبيحة الأنعام نسكاً ؛ لأنها من أشرف العبادات التي يتقرب بها إلى الله تعالى . قال أبو البقاء : والنسك - في الأصل - مصدر بمعنى المفعول ؛ لأنه من : نَسَك ينسك ، والمراد به ههنا المنسوك ، ويجوز أن يكون اسماً لا مصدراً ، ويجوز تسكين السين . انتهى . { فَإِذَآ أَمِنتُمْ } أي : كنتم آمنين من أول الأمر ، أو صرتم بعد الإحصار آمنين { فَمَن تَمَتَّعَ بِٱلْعُمْرَةِ } أي : بإحرامه بها في أشهر الحجّ . ليستفيد الحلّ حين وصوله إلى البيت ، ويستمرّ حلالاً في سفره ذلك { إِلَى ٱلْحَجِّ } أي : إلى وقت الإحرام بالحجّ { فَمَا } أي : فعليه ما { ٱسْتَيْسَرَ } أي : تيسّر : { مِنَ ٱلْهَدْيِ } من النعم ، يكون هذا الهدي لأجل ما تمتع به بين النسكين من الحلّ . وفي النهاية صورة التمتع أن يحرم بالعمرة في أشهر الحجّ ، فإذا أحرم بالعمرة بعد إهلاله شوالاً فقد صار متمتعاً بالعمرة إلى الحجّ ، وسمّي به ؛ لأنه : إذا قدم مكة ، وطاف بالبيت ، وسعى بين الصفا والمروة ، حلّ من عمرته ، وحلق رأسه ، وذبح نسكه الواجب عليه لتمتعه ، وحلّ له كلّ شيء ؛ كان حرم عليه في إحرامه من النساء والطيب ، ثمّ ينشئ بعد ذلك إحراماً جديداً للحجّ وقت نهوضه إلى منى ، أو قبل ذلك ، من غير أن يجب عليه الرجوع إلى الميقات الذي أنشأ منه عمرته ، فذلك تمتعه بالعمرة إلى الحجّ ، أي انتفاعه وتبلغه بما انتفع به من حلقٍ وطيبٍ وتنظف وقضاء تفث وإلمام بأهله ، إن كانت معه . قال الإمام ابن القيم في زاد المعاد : وكان من هديه صلى الله عليه وسلم ذبح هدي العمرة عند المروة ، وهدي القِران بمنى . وكذلك كان ابن عمر يفعل ، ولم ينحر صلى الله عليه وسلم قط إلا بعد أن حلّ ، ولم ينحره قبل يوم النحر ولا أحد من الصحابة ، البتة . { فَمَن لَّمْ يَجِدْ } الهدي { فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي ٱلْحَجِّ } أي : بعد الإحرام وقبل الفراغ من أعماله ، والأوْلى سادس ذي الحجّة وسابعه وثامنه . قال الراغب إن قيل : كيف قال : { فِي ٱلْحَجِّ } ؟ ومتى أحرم يوم عرفة لا يمكنه صيام ثلاثة أيام في الحج لأنه منهيّ عنه في يوم النحر وأيام التشريق ؟ قيل : الواجب على المتمتع أن يحرم بالحجّ على وجهٍ يمكنه الإتيان بالصيام لثلاثة أيام ، وذلك بتقديم الإحرام قبل يوم عرفة . وقد قال ابن عمر وعائشة : يصوم أيام التشريق . ويحملان النهي على صوم أيام منى على غير المتمتع . { وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ } أي : إلى أهليكم ، أو إذا أخذتم في الرجوع بعد الفراغ من أعمال الحجّ . قال الراغب : وإطلاق اللفظ يحتمل الأمرين جميعاً ، فيصحّ حمله عليهما . إلا أنّ الذي يرجع الوجه الأول ما روى في الصحيحين من حديث ابن عمر الطويل وفيه : " فمن لم يجد هدياً فليصم ثلاثة أيامٍ في الحجّ وسبعة إذا رجع إلى أهله " . { تِلْكَ عَشَرَةٌ } فذلكة حساب ، أي : إجمال بعد تفصيل ، وفائدتها : ألا يتوهم أنّ الواو بمعنى أو وأنّ الكلام على التخيير ، بل المجموع بدل الهدى … ! وأن يعلم العدد جملةً كما علم تفصيلاً ، فيحاط به من وجهين فيتأكد العلم . وفي المثل : علمان خير من علم ، فإنّ أكثر العرب لا يعرف الحساب . فاللائق الخطاب الذي يفهمه الخاص والعامّ . وهو ما يكون بتكرار الكلام وزيادة الإفهام … ! وفائدة ثالثة : وهو أنّ المراد بالسبعة هو العدد دون الكثرة فإنه يطلق لهما ! … وفائدة رابعة : أشار لها الراغب وهو : إنّ قوله : { تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ } استطراد في الكلام ، وتنبيه على فضيلة علم العدد ، ولذا قيل : العدد أول العلوم وأشرفها . أما أنه أولُ ، فلأن ما عداه معدول منه ، وبه يفصل ويميز . وأمَّا كونه أشرف ، فلأنه لا اختلافَ فيه ولا تغيّر ، بل هو لازم طريقة واحدة . فذكر العشرة ووصفها بالكاملة . إذ هي عدد كمل فيه خواص الأعداد ، فإنّ الواحد مبدأ العدد ، والاثنين أول العدد ، والثلاثة أول عدد فرد ، والأربعة أول عدد زوج محدود - أي : مجتمع من ضرب عدد في نفسه - والخمسة أول عداد دائر ، والستة أول عدد تام - أي : إذا أخذ جميع أجزائه لم يزد عليه ولم ينقص منه - والسبعة أول عدد أوّل - أي : لا يتقدمه عدد بعده - والثمانية أول عدد زوج الزوج ، والتسعة أول عدد مثلث ، والعشرة أول عدد ينتهي إليه العدد ، لأن ما بعده يكون مكرراً بما قبله ، فإذن العشرة هي العدد الكامل . . { كَامِلَةٌ } صفة مؤكدة لعشرة تفيد المبالغة في المحافظة على العدد ، ففيه زيادة توصية لصيامها ، وألا يتهاون بها ، ولا ينقص من عددها ، كأنها قيل : تلك عشرة كاملة ، فراعوا كمالها ولا تنقصوها . { ذٰلِكَ } أي : وجوب دم التمتع أو بدله لمن لم يجد { لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ } أي : بل كان أهله في مسافة الغيبة منه . وأمّا من كان أهله حاضريه - بأن يكون ساكناً في مكة - فهو في حكم القرب من الله ، فالله تعالى يجبره بفضله . هذا ، وقال بعض المجتهدين : إنّ ذلك إشارة إلى التمتع المفهوم من قوله : { فَمَن تَمَتَّعَ } وليست للهدي والصوم ، فلا متعة ولا قِران لحاضري المسجد الحرام ، عنده . وروى ابن جرير عن قتادة قال : ذكر لنا أنّ ابن عباس كان يقول : يا أهل مكة ! لا متعة لكم . أحلّت لأهل الآفاق وحرّمت عليكم ، إنما يقطع أحدكم وادياً - أو قال : يجعل بينه وبين الحرم وادياً - ثم يهلّ بعمرة … ! وروى عبد الرزاق عن طاووس قال : المتعة للناس لا لأهل مكة . ثم قال : وبلغني عن ابن عباس مثل قول طاووس ، والله أعلم . والأهل : سكن المرء من زوجٍ ومستوطن . والحضور : ملازمة الموطن . { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } - في الجناية على إحرامه - { وَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } لمن جنى على إحرامه أكثر من شدّة الملوك على من أساء الأدب بحضرته . وإظهار الاسم الجليل في موضع الإضمار لتربية المهابة وإدخال الروعة . تنبيهات الأول : في قوله تعالى : { فَمَن تَمَتَّعَ بِٱلْعُمْرَةِ } الآية دليل على مشروعية التمتع . كما جاء في الصحيحين عن عمران بن حصين قال : أُنزلت آية المتعة في كتاب الله ففعلناها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يُنْزَلْ قرآن يحرّمه ، ولم يَنْه عنها حتى مات ، قال رجل برأيه ما شاء . وروى مالك في الموطأ عن عبد الله عن عمر أنه قال : والله ! لأنْ اعتمر قبل الحجّ وأًهدى أحبّ إليّ من أن أعتمر بعد الحجّ في ذي الحجة . وفي الصحيحين : " لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدى ولجعلتها عمرة " يعني كما فعل أصحابه صلى الله عليه وسلم عن أمره . الثاني : قال ابن القيّم في زاد ا لمعاد : قد ثبت أنّ التمتع أفضل من الإفراد لوجوه كثيرة : منها : أنه صلى الله عليه وسلم أمرهم بفسخ الحجّ إليه ، ومحالٌ أن ينقلهم من الفاضل إلى المفضول الذي هو دونه . ومنها : أنه تأسف على كونه لم يفعله بقوله : " لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدى ولجعلتها متعة " ومنها : أنه أمر به كلّ من لم يسق الهدي . ومنها : أنّ الحجّ الذي استقرّ عليه فعله وفعل أصحابه ، القِرَانُ ممن ساق الهدي ، والتمتع لمن لم يسق الهدى ، ولوجوهٍ كثيرة غير هذه … ! الثالث : قال الراغب لا يجب الدم أو بدله في التمتع إلا بأربع شرائط : إيقاع العمرة في أشهر الحجّ والتحللّ منها فيه . والثاني : أن يثني الحجّ من سنته . والثالث : أن لا يرجع إلى الميقات لإنشاء الحجّ . الرابع : أن لا يكون من حاضري المسجد الحرام .