Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 211-211)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ سَلْ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ } المراد بهذا السؤال : تقريع بني إسرائيل وتوبيخهم على طغيانهم وجحودهم الحق بعد وضوح الآيات ، لا أن يجيبوا فيعلم من جوابهم أمر . كما إذا أراد واحد منا توبيخ أحد ، يقول لمن حضره : سلهُ كم أنعمت عليه - أي : كم شاهدوا المعجزات الظاهرة على أيدي أنبيائهم ، القاطعة بصدقهم عليهم السلام فيما جاؤوهم به : كعصا موسى ، وفلقه البحر ، وضربه الحجر ، وما كان من تظليل الغمام عليهم في شدة الحرّ ، ومن إنزال المنّ والسلوى ، وغير ذلك من الآيات الدالة على وحدانيته تعالى وصدق من جرت على يديه هذه الخوارق . ومع هذا أعرض كثير منهم عنها ، وبدلوا نعمة الله عليهم بها كفراً كما أشعر بذلك قوله تعالى : { وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } فالمراد بنعمة الله آياته ، فهو من وضع الظاهر موضع المضمر بغير اللفظ السابق ، لتعظيم الآيات ، ولا يخفى أنها من أجلّ أقسام نعم الله تعالى لأنها أسباب الهدى والنجاة من الضلالة ، وتبديلهم إياها : استبدالهم بالإيمان بها ، الكفرَ بها والإعراضَ عنها . كما قال تعالى - إخباراً عن كفار قريش : { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ ٱلْبَوَارِ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ ٱلْقَرَارُ } [ إبراهيم : 28 - 29 ] ، وقوله : { مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُ } أي : وصلت إليه وتمكن من معرفتها أو عرفها ، والتصريح بذلك - مع أن التبديل لا يتصور قبل المجيء - للإشعار بأنهم قد بدلوها بعد ما وقفوا على تفاصيلها ، وفيه تقبيح عظيم بهم ، ونعيٌ على شناعة حالهم ، واستدلالٌ على استحقاقهم العذاب الشديد حيث بدّلوا ، بعد المعرفة … !