Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 267-267)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَنْفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ } هذا بيان الحال ما ينفق منه ، إثرَ بيان أصل الإنفاق وكيفيته . أي : أنفقوا من جياد ما كسبتم لقوله تعالى : { لَن تَنَالُواْ ٱلْبِرَّ حَتَّىٰ تُنْفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ } [ آل عمران : 92 ] . فمقتضى الإيمان الإنفاق من الجيد . لا سيما ما يطلب به رضا الله وتثبيت النفس . وفي الأمر إشعار بأنه إنما يمثل بالزرع المنبت سبع سنابل ، أو بالجنة بربوة ، ما أنفق من الجيد { وَمِمَّآ } أي : ومن طيبات ما { أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ ٱلأَرْضِ } من الحبوب والثمار { وَلاَ تَيَمَّمُواْ } أي : لا تقصدوا { ٱلْخَبِيثَ } أي : الرديء من أموالكم ، { مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ } أي : بقابليه يعني الرديء إذا أهدي إليكم { إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ } أي : إلا بأن تتسامحوا في أخذه وتترخصوا فيه . من قولك : أغمض فلان عن بعض حقه إذا غض بصره . ويقال للبائع : أغمضْ ، أي : لا تستقص كأنك لا تبصر . كذا في الكشاف . قال الرازي : الإغماض في اللغة غض البصر وإطباق جفن على جفن . والمراد ههنا المساهلة ، وذلك لأن الإنسان إذا رأى ما يكره أغمض عينيه لئلا يرى ذلك . ثم كثر ذلك حتى جعل كل تجاوز ومساهلة في البيع وغيره إغماضاً . فقوله : { وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ } . يعني : لو أهدي إليكم مثل هذه الأشياء ، لما أخذتموها إلا على استحياء وإغماض . فكيف ترضون لي ما لا ترضونه لأنفسكم ؟ { وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ } عن إنفاقكم وإنما يأمركم به لمنفعتكم { حَمِيدٌ } يجازي المحسن أفضل الجزاء . وفي الأمر بأن يعلموا ذلك ، مع ظهور علمهم به ، توبيخ على إعطاء الخبيث وإيذانٌ بأن ذلك من آثار الجهل بشأنه تعالى . ولما رغّب تعالى في إنفاق الجيد حذّر من وسوسة الشيطان في ذلك فقال : { ٱلشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ ٱلْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِٱلْفَحْشَآءِ وَٱللَّهُ يَعِدُكُم … } .