Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 28-28)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِٱللَّهِ } التفات إلى خطاب المذكورين ، مبنيٌّ على إيراث ما عدد من قبائحهم السابقة ، لتزايد السخط الموجب للمشافهة بالتوبيخ والتقريع . والاستفهام إنكاري بمعنى إنكار الواقع ، واستبعاده ، والتعجيب منه ، لأن معهم ما يصرف عن الكفر ، ويدعو إلى الإيمان { وَكُنْتُمْ أَمْوَٰتاً } أجساماً لا حياة لها - عناصر ، وأغذية ، ونطفاً ، ومضغاً مخلقة وغير مخلقة - وإطلاق الأموات على تلك الأجسام الجمادية ، إما حقيقة - بناء على أن الميت عادم الحياة مطلقاً ، كما في قوله تعالى : { بَلْدَةً مَّيْتاً } [ الفرقان : 49 ، 11 ] و { وَآيَةٌ لَّهُمُ ٱلأَرْضُ ٱلْمَيْتَةُ } [ يس : 33 ] . أو استعارة ، جرياً على أن إطلاق الميت فيما تصح فيه الحياة ، لاجتماعهما في أن لا روح ولا إحساس . { فَأَحْيَٰكُمْ } بخلق الأرواح ، ونفخها فيكم . وإنما عطفه بالفاء لأنه متصل بما عطف عليه ؛ غير متراخٍ عنه ، بخلاف البواقي { ثُمَّ يُمِيتُكُمْ } عندما تقضي آجالكم { ثُمَّ يُحْيِيكُمْ } بالنشور ، والبعث ، للحساب والجزاء { ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } - بعد الحشر - فيجازيكم بأعمالكم : إن خيراً فخير ، وإن شرّاً فشر . فما أعجب كفركم مع علمكم بحالتكم هذه … ! فإن قيل : إن علموا أنهم كانوا أمواتاً فأحياهم ثم يميتهم ، لم يعلموا أنه يحييهم ثم إليه يرجعون ، فيكف نظم ما ينكرونه ، من الإحياء الأخير والرجع ، في سلك ما يعترفون به من الإحياء الأول والإماتة … ؟ قلتُ : تمكنهم من العلم بهما - لما نصب لهم من الدلائل - منزل منزلة علمهم في إزاحة العذر . سيما وفي الآية تنبيه على ما يدل على صحتهما . وهو أنه تعالى لمال قدر على إحيائهم أولاً ، قدر على أن يحييهم ثانياً ، فإن بدء الخلق ليس بأهون عليه من إعادته … ! أو الخطاب ، مع أهل الكتابين . وإنكار اجتماع الكفر - مع القصة التي ذكرها الله تعالى - إما لأنها مشتملة على آيات بينات تصرفهم عن الكفر ، أو على نعمٍ جسامٍ حقها أن تُشكر ولا تُكفر . أو لإرادة الأمرين جميعاً . فإن ما عدده آيات ، وهي - مع كونها آيات - من أعظم النعم .