Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 4-4)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَآ أُنْزِلَ مِن قَبْلِكَ } والمراد { بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْكَ } الكتاب المنزل كله ، وإنما عبر عنه بلفظ الماضي - وإن كان بعضه مترقباً - تغليباً للموجود على ما لم يوجد . كما أن المراد من قوله : { وَمَآ أُنْزِلَ مِن قَبْلِكَ } الكتب الإلهية السالفة كلها ، وهذا كقوله تعالى : { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ءَامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَٱلْكِتَٰبِ ٱلَّذِي نَزَّلَ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَٱلْكِتَٰبِ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ مِن قَبْلُ } [ النساء : 136 ] الآية . والإنزال النقل من الأعلى إلى الأسفل . فنزول الكتب الإلهية إلى الرسل عليهم الصلاة والسلام بأن يتلقاها جبريل من جنابه عزّ وجل فينزل بها إلى الرسل عليهم السلام ، ولهذا يقال : القرآن كلام الله ليس بمخلوق ، منه بدأ . قال الإمام أحمد وغيره : وإليه يعود ، أي هو المتكلم به . قال تعالى : { وَٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِٱلْحَقِّ } [ الأنعام : 114 ] . وقال تعالى : { قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ ٱلْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِٱلْحَقِّ } [ النحل : 102 ] . وقال تعالى : { تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ } [ الزمر : 1 ] . { وَبِٱلآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ } الآخرة في الأصل : تأنيث الآخر الذي هو نقيض الأول وهي صفة الدار ، بدليل قوله تعالى : { تِلْكَ ٱلدَّارُ ٱلآخِرَةُ } [ القصص : 83 ] ؛ سميت بذلك لأنها متأخرة عن الدنيا ، وقيل للدنيا : دنيا ، لأنها أدنى من الآخرة ، وهما من الصفات الغالبة ، ومع ذلك فقد جريا مجرى الأسماء ، إذ قد غاب ترك ذكر اسم موصوفهما معهما ، كأنهما ليس من الصفات . والإيقان : إتقان العلم بانتفاء الشك والشبهة عنه . وفي تقديم { وَبِٱلآخِرَةِ } وبناء { يُوقِنُونَ } على { هُمْ } تعريض بأهل الكتاب وبما كانوا عليه من إثبات أمر الآخرة على خلاف حقيقته . كزعمهم أن الجنة لا يدخلها إلا من كان هوداً أو نصارى ؛ وأن النار لن تمسّهم إلا إِِِِِياماً معدودة ؛ واختلافهم في أن نعيم الجنة هل هو من قبيل نعيم الدنيا أوْ لا ؟ وهل هو دائم أوْ لا ؟ فاعتقادهم في أمور الآخرة بمعزل من الصحة ، فضلاً عن الوصول إلى مرتبة اليقين !