Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 58-59)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَإِذْ قُلْنَا ٱدْخُلُواْ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةَ فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَٱدْخُلُواْ ٱلْبَابَ سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَٰيَٰكُمْ وَسَنَزِيدُ ٱلْمُحْسِنِينَ * فَبَدَّلَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ ٱلَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ } . هذا إشارة إلى ما حلّ ببني إسرائيل - لما نكلوا عن الجهاد - ودخولهم الأرض المقدس - أرض كنعان - لما قدموا من بلاد مصر صحبة موسى عليه السلام . وإنما أطلق على الأرض المذكورة قرية ، لأن القرية : كل مكان اتصلت به الأبنية واتُّخِذَ قراراً . وتقع على المدن وغيرها - كذا في كفاية المتحفِّظ - ثم إن ما قصَّ - هنا - ذكر في سورة المائدة في قوله تعالى : { وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ ٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَآءَ وَجَعَلَكُمْ مُّلُوكاً وَآتَاكُمْ مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِّن ٱلْعَٱلَمِينَ * يَٰقَوْمِ ٱدْخُلُوا ٱلأَرْضَ ٱلمُقَدَّسَةَ ٱلَّتِي كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَٰسِرِينَ * قَالُوا يَامُوسَىٰ إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىٰ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ } [ المائدة : 20 - 22 ] الآيات . وقوله تعالى : { وَٱدْخُلُواْ ٱلْبَابَ سُجَّداً } في التأويلات : يحتمل المراد من الباب حقيقة الباب ، وهو باب القرية التي أمروا بالدخول فيها . ويحتمل من الباب القرية نفسها ، لا حقيقة الباب - كقوله : { وَإِذْ قُلْنَا ٱدْخُلُواْ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةَ } ذكر القرية ولم يذكر الباب - وذلك في اللغة جائز . ويقال : فلان دخل في باب كذا - لا يعنون حقيقة الباب ، ولكن كونه في أمر هو فيه . وقوله : { سُجَّداً } يحتمل المراد من السجود : حقيقة السجود . فيخرج على وجوه : على التحية لذلك المكان ؛ ويحتمل على الشكر له لما أهلك أعداءهم الجبارين ؛ ويحتمل الكناية عن الصلاة - إذ العرب قد تسمي السجود صلاة - كأنهم أُمِروا بالصلاة فيها ؛ ويحتمل أن الأمر بالسجود - لا على حقيقة السجود والصلاة - ولكن أمر بالخضوع له والطاعة والشكر على أياديه . والله أعلم . وقوله تعالى : { وَقُولُواْ حِطَّةٌ } خبر محذوف ، أي مسألتنا حطة - والأصل النصب - بمعنى : حطَّ عنا ذنوبنا حِطةٌ ، وإنما رفعت لتعطي معنى الثبات . وقوله سبحانه : { فَبَدَّلَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ ٱلَّذِي قِيلَ لَهُمْ } أي : بدلوا أمره تعالى لهم - بدخول الأرض مجاهدين - بالإحجام عنه ، وتثبيط الناس . ولذا قال أبو مسلم قوله تعالى : { فَبَدَّلَ } يدل على أنهم لم يفعلوا ما أمروا به ، لا على أنهم أتوا له ببدل . والدليل عليه : أن تبديل القول قد يستعمل في المخالفة . قال تعالى : { سَيَقُولُ ٱلْمُخَلَّفُونَ إِذَا ٱنطَلَقْتُمْ } [ الفتح : 15 ] إلى قوله : { يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُواْ كَلاَمَ ٱللَّهِ } [ الفتح : 15 ] ولم يكن تبديلهم إلا الخلاف في الفعل لا في القول . فكذا هنا ، فيكون المعنى : إنهم لما أمروا بدخول الأرض - وما ذكر معه - لم يمتثلوا أمر الله ، ولم يلتفتوا إليه . وفي تكرير : { ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } زيادةٌ في تقبيح أمرهم ، وإيذانٌ بأن إنزال الرجز عليهم لظلمهم . والرجز : هو الموت بغتة ، كما تقدم . قال الراغب : وتخصيص قوله : { رِجْزاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } هو أن العذاب ضربان : ضِربٌ قد يمكن - على بعض الوجوه - دفاعه ، أو يظنّ أنه يمكن فيه ذلك ، وهو كلّ عذاب على يد آدمي ، أو من جهة المخلوقات كالهدم والغرق . وضرب لا يمكن - ولا يظن - دفاعه بقوة آدمي كالطاعون ، والصاعقة ، والموت - وهو المعنى بقوله : { رِجْزاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } ا . هـ .