Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 64-64)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ } أي : أعرضتم عن الوفاء بالميثاق { مِّن بَعْدِ ذٰلِكَ } أي : من بعد أخذ ذلك الميثاق المؤكد { فَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ } أي : لكم بتوفيقكم للتوبة ، أو تأخير العذاب ، { لَكُنْتُم مِّنَ ٱلْخَاسِرِينَ } أي : الهالكين بالعقوبة . قال الراغب : الخاسر المطلق ، في القرآن ، هو الذي خسر أعظم ما يقتني ، وذلك نعيم الأبد ، وهو المذكور في قوله : { قُلْ إِنَّ ٱلْخَاسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } [ الزمر : 15 ] . وقال القفال : قد يعلم في الجملة أنهم بعد قبول التوراة ورفع الطور ، تولوا عن التوراة بأمور كثيرة ، فحرفوا كلمها عن مواضعه ، وتركوا العلم بها ، وقتلوا الأنبياء ، وكفروا بهم ، وعصوا أمرهم ، ومنها ما عمله أوائلهم ، ومنها ما فعله متأخروهم ، ولم يزالوا في التيه مع مشاهدتهم الأعاجيب ليلاً ونهاراً يخالفون موسى ويعترضون عليه ، ويلقونه بكل أذى ويجاهرون بالمعاصي في معسكرهم ذلك ، حتى لقد خسف ببعضهم ، وأحرقت النار بعضهم ، وعوقبوا بالطاعون ، وكل هذا مذكور في تراجم التوراة التي يقرون بها ، ثم فعل متأخروهم ما لا خفاء به ، حتى عوقبوا بتخريب بيت المقدس ، وكفروا بالمسيح ، وهموا بقتله . والقرآن ، وإن لم يكن فيه بيان ما تولوا به عن التوراة ، فالجملة معروفة ، وذلك إخبار من الله تعالى عن عناد أسلافهم ، فغير عجيب إنكارهم ما جاء به محمد عليه الصلاة والسلام من الكتاب ، وجحودهم لحقه ، وحالهم في كتابهم ونبيهم ما ذكر . والله أعلم . ثم ذكرهم تعالى بالإيقاع بمن نقض ميثاقه وفيما أخذه عليهم من تعظيم السبت بقوله : { وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ٱلَّذِينَ ٱعْتَدَواْ مِنْكُمْ فِي ٱلسَّبْتِ … } .