Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 89-89)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلَمَّا جَآءَهُمْ كِتَابٌ } هو القرآن الكريم الذي مقصود هذه السورة ، وصفه بالهدى ، وتنكيره للتفخيم ، ونعته بقوله { مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ } للتشريف { مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ } من التوراة . وجواب { لِّمَا } محذوف دل عليه جواب { لِّمَا } الثانية . وعليه ، فقوله تعالى : { وَكَانُواْ } الخ جملة معطوفة على الشرطية ، عطف القصة على القصة . وقيل : جوابها كفروا . و { لِّمَا } الثانية تكرار للأولى ، فلا تحتاج إلى جواب . وقيل : كفروا جواب للأولى والثانية لأن مقتضاهما واحد ، وعلى الوجهين فجملة قوله : { وَكَانُواْ مِن قَبْلُ } أي : قبل مجيئه { يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } جملة حالية مفيدة لكمال مكابرتهم وعنادهم . والاستفتاح : الاستنصار أي : طلب النصر ، أي : يطلبون النصر من الله النصر على المشركين لما أنهم كانوا مستذَلين في جزيرة العرب ، ولذا كانوا يحالفون بعض القبائل تعززاً بهم على ما تقدم { فَلَمَّا جَآءَهُمْ مَّا عَرَفُواْ } صحتَه وصدقَه ، كان من حقهم أن يسارعوا إلى الإيمان به لظفرهم بأمنيتهم حينئذ ، وهو انتصارهم على المشركين وحصول العزة لهم مع المؤمنين ، ولكن { كَفَرُواْ بِهِ } أي : امتنعوا من الإيمان به خوفاً من زوال رياستهم وأموالهم ، وأصرّوا على الإنكار مع علمهم بحقيقة نبوته . ولذا قال عبد الله بن سلام في قصة إسلامه : يا معشر اليهود اتقوا الله ، فوالله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أنه رسول الله وأنه جاء بحق . رواه البخارّي في الهجرة . وروى أيضاً أن عبد الله بن سلام لما بلغه مقدم النبي صلى الله عليه وسلم أتاه فقال : إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبيّ ، فلما أجابه عنها قال : أشهد أنك رسول الله . وسنذكر الحديث بتمامه عند قوله تعالى : { مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ } [ البقرة : 97 ] الآية . وقوله : { فَلَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } اللام فيه للعهد أي : عليهم ، ووضع المظهر موضع المضمر للإشعار بأن حلول اللعنة عليهم بسبب كفرهم ؛ كما أن الفاء للإيذان بترتبها عليه ، أو للجنس وهم داخلون في الحكم دخولاً أوليّاً ؛ إذ الكلام فيهم . وأيّاً ما كان فهو محقق لمضمون قوله تعالى : { بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفْرِهِمْ } [ البقرة : 88 ] .