Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 95-95)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً } من المعجزات لأنه إخبارٌ بالغيب . وكان كما أخبر به ، كقوله : { وَلَن تَفْعَلُواْ } [ البقرة : 24 ] { بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ } بما أسلفوا من أنواع العصيان ، واليد مجاز عن النفس ، عبّر عنها لأنها من بين جوارح الإنسان ، مناط عامة صنائعه . ولذا كانت الجنايات بها أكثر من غيرها ، ولم يجعل المجاز في الإسناد ، فيكون المعنى بما قدموا بأيديهم ، ليشمل ما قدموا بسائر الأعضاء { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمينَ } أي : بهم ، تذييل للتهديد ، والتنبيه على أنهم ظالمون في دعوى ما ليس لهم ، ونفيه عمن سواهم ، ونظير هذه الآية في سورة الجمعة قوله تعالى : { قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ هَادُوۤاْ إِن زَعمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَآءُ لِلَّهِ مِن دُونِ ٱلنَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ ٱلْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * وَلاَ يَتَمَنَّونَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْديهِمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمِينَ } [ الجمعة : 6 - 7 ] . وقد تلطف الغزاليّ في توجيه الإتيان بـ { لَّن } هنا و { لاَ } في سورة الجمعة بأن الدعوى هنا أعظم من الثانية ، إذ السعادة القصوى هي الحصول في دار الثواب ، وأما مرتبة الولاية فهي ، وإن كانت شريفة إلا أنها إنما تراد ليتوسل بها إلى الجنة ، فلما كانت الدعوى الأولى أعظم ، لا جَرَمَ بيّن تعالى فساد قولهم بلفظ ( لن ) لأنها أقوى الألفاظ النافية ، ولما كانت الدعوى الثانية ليست في غاية العظمة اكتفى في إبطالها بلفظ : { لاَ } لأنه ليس في نهاية القوة ، في إفادة معنى النفي ، والله أعلم . ولما أخبر تعالى عنهم أنهم لا يتمنون الموت ، أتبعه بأنهم في غاية الحرص على الحياة بقوله : { وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ ٱلنَّاسِ عَلَىٰ حَيَاةٍ وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ … } .